للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ رُفِعَ لِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، قَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ، أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ،

ــ

وهو نهر الكوفة يخرجان من أصل السدرة، ثم يخرجان من الأرض ويسيران فيها فوجب المصير إليه، وقد أورد السيوطي في النيل من الأحاديث ما يدل عليه، ويتضمن عجائب وغرائب ما تتحير العقول فيه، وقيل: يحتمل أن يكون المراد بهما ما عرفا بين الناس ويكون مادتهما مما يخرج من أصل السدرة، ولم يدرك كيفته، وأن يكون من باب الاستعارة بأن شَبَّههما بنهري الجنة في العظم والعذوبة، أو من باب توافق الأسماء بأن يكون اسما نهري الجنة موافقتين لاسمي نهري الدنيا، كذا في (شرح ابن الملك).

وقوله: (ثم رفع لي البيت المعمور) وهو بيت في السماء السابعة بإزاء الكعبة بحيث لو فرض سقوطه لوقع عليها، ويأتي ذكره في الحديث الآتي.

وقوله: (هي الفطرة) نقل في (المواهب) (١): اخترت اللبن الذي عليه بنيت الخلقة وبه نبت اللحم ونشز العظم، أو اخترته لأنه الحلال الدائم في دين الإسلام، بخلاف الخمر فإنه حرام فيما يستقر عليه الأمر، وقال النووي (٢): المراد بالفطرة هنا الإسلام والاستقامة، قال: ومعناه -واللَّه أعلم- اخترت علامة الإسلام والاستقامة، قال: وجعل اللبن علامة لذلك لكونه سهلًا طيبًا طاهرًا سائغا للشاربين سليم العاقبة، وأما الخمر فإنها أم الخبائث وجالبة لأنواع الشر في الحال والمآل، انتهى.

وبما ذكر يظهر الجواب عما يقال: إن الخمر إذ ذاك كانت مباحة؛ لأنها إنما حرمت بالمدينة، فما وجه تعيينه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأحد المباحين؟


(١) "المواهب اللدنية" (٣/ ٤٦).
(٢) "شرح النووي" (٢/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>