للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرْتَوِي فِيهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ، فَوَافَقْتُهُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ: "أَلَمْ يَأن لِلرَّحِيلِ؟ " قُلتُ: بَلَى، قَالَ: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْسُ،

ــ

وقوله: (يرتوي)، أي: يستقي فيها، رَوِي من الماء كرضي، وتَروّى وارتوى بمعنى، و (فيها) ظرف لـ (يرتوي)، أي: يرتوي من الماء في تلك الإداوة، ويجوز أن يتعلق بـ (يشرب).

وقوله: (فوافقته) بتقديم الفاء على القاف، أي: وافقته فيما هو عليه من النوم، أي: لم أوقظه (حتى استيقظ) هو بنفسه، ويروى بتقديم القاف من الوقوف، أي: صبرت وتوقفت في المجيء إليه للإيقاظ.

وقوله: (حتى برد أسفله) أي: أسفل الماء، أو أسفل اللبن، أو أسفل القعب، كناية عن كثرة الماء.

وقوله: (ألم يأن للرحيل؟ ) أي: ألم يأت وقته؟ يقال: أنى الأمر يأني أنيًا وأنًا: إذا جاء إناه، كذا قال البيضاوي (١) في تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: ١٦]، انتهى. فعلى هذا اللام في (للرحيل) زائدة، كذا قيل، وأيد بقول ابن هشام في (مغني اللبيب) (٢) في: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: ٣٦]، انتهى. ويمكن أن يكون تقديره: ألم يأن للرحيل أن يأتي أو أن يفعل، فيكون كقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ}.


(١) "تفسير البيضاوي" (٢/ ٤٦٩).
(٢) "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" (١/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>