للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا يأتيهن، وقيل: معناه أنه يظهر له من نشاطه وبتقدم عادته القدرة على النساء، فإذا دنا منهن أصابته أخذة السحر فلم يقدر على إتيانهن، ولم يأت في خبر منها أنه صدر عنه في ذلك قول بخلاف ما كان أخبر أنه فعله ولم يفعله، وإنما كانت خواطر وتخيلات، وقد قيل: إن المراد بالحديث أنه كان يتخيل الشيء أنه فعله وما فعله، ولكنه تخيل لا يعتقد صدقه، فيكون اعتقاداته كلها على السداد، وأقواله على الصحة، هذا ما ذكره الأئمة في هذا المقام.

وقال القاضي عياض في (الشفا) (١): أنه قد وقع في روايات متعددة: سحر يهود بني زريق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعلوه في بئر حتى كاد أن ينكر بصره، حتى دله اللَّه على ما صنعوا، فاستخرجه من البئر، وجاء في حديث آخر: حبس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن عائشة سنة، فبينا هو نائم أتاه ملكان. . . الحديث. وروي: حبس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن عائشة خاصة سنة، حتى أنكر بصره، قال (٢): فقد استبان لك من مضمون هذه الروايات أن السحر إنما تسلط على ظاهره وجوارحه لا على قلبه واعتقاده وعقله، ويكون قول عائشة: إنه يخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله من باب ما اختل من بصره كما ذكر في الحديث، فيظن أنه رأى شخصًا من بعض أزواجه أو شاهد فعلًا من غيره ولم يكن على ما يخيل إليه لما أصابه في بصره وضعف نظره، لا لشيء طرأ عليه في مَيْزةِ، وإذا كان هذا لم يكن فيما ذكر من إصابة السحر له وتأثيره فيه ما يدخل لبسًا ولا يجد به الملحد المعترض أنسًا، انتهى كلام القاضي -رحمة اللَّه عليه-، وكان سحره بعد رجوعه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الحديبية في ذي الحجة من السنة السادسة، ومدة بقائه قيل: أربعون


(١) "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (٢/ ٤١٤ - ٤١٥).
(٢) أي: القاضي عياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>