أحدها: أن المراد اثنا عشر نَفْسًا قاموا من بعده -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسلطنة والإمارة، وانتظم أمر السلطنة واستقام من غير نزاع وخلاف واختلال في أمور المسلمين والرعايا، وإن كان بعضهم جائرين خارجين عن دائرة العدل والإحسان، وقد وقع الاختلال في زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي هو الثاني عشر، اجتمعوا عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين، ثم قاموا عليه فقتلوه، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ، كذا قال القاضي عياض، واستحسنه الشيخ ابن حجر في (فتح الباري)(١) وقال: وهذا أحسن ما قيل في هذا الحديث وأرجحه، لتأييده بقوله في بعض طرقه الصحيحة:(كلهم يجتمع عليه الناس)، والمراد باجتماعهم انقيادهم لبيعته، ولم يَرِدِ الحديث على مدحهم والثناء عليهم بالدين والعدالة إلا من هذه الجهة أعني الانتظام والاجتماع واتحاد الكلمة، والخلافة التي حَكَم الحديث بانتهائها إلى ثلاثين سنة إنما هو الخلافة الكبرى التي هي خلافة النبوة، وهذه خلافة إمارة، وقد استمر القول بتسمية الأمراء بعد الخلفاء الراشدين خلفاء كالخلفاء العباسية وإن كانت بالمجاز، انتهى.
وهذا الوجه لا يخلو عن عدم الملاءمة لسياق الحديث من قوله:(لا يزال الإسلام عزيزًا) و (لا يزال الدين قائمًا)، وإن كانت ملائمة برواية أخرى:(لا يزال أمر الناس ماضيًا)، والحديث صريحٌ في مدحهم بأن صلاح الدين وظهور الحق وقوة الإسلام في زمانهم وعدالتهم.
وثانيها: أن المراد المقسطون من الأمراء لأنهم هم المستحقون لاسم الخلافة على