للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونتمسك من حبه بأقوى وأولى مما يدعيه الغالون فيه، فلسنا نرى أن نضرب عن تقرير أمثال هذه الأحاديث في نصابها صفحًا لما يُخشى فيها من تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين، وهذا باب أمرنا بمحافظته وجيء أمرنا بالذب عنه، فحقيق علينا أن ننصر فيه الحق ونقدم فيه الصدق، وهذا حديث يريش به المبتدع سهامه ويوصّل به المنتحل جناحه فيتخذه ذريعة إلى الطعن في خلافة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- التي هي أول حكم أجمع عليه المسلمون في هذه الأمة، وأقوم عماد أقيم به الدين بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنقول -وباللَّه التوفيق-: هذا الحديث لا يقاوم ما أوجب تقديم أبي بكر والقولَ بخيريته من الأخبار الصحاح منضمًّا إليها إجماع الصحابة لمكان سنده، فإن فيه لأهل النقل مقالًا، ولا يجوز حمل أمثاله على ما يخالف الإجماع، لا سيما والصحابي الذي يرويه ممن دخل في هذا الإجماع، واستقام عليه مدة عمره، ولم ينقل عنه خلافه، فلو ثبت عنه هذا الحديث فالسبيل أن يؤول على وجه لا ينتقض عليه ما اعتقده، ولا يخالف ما هو أصح منه متنًا وإسنادًا، وهو أن يحمل على أحد الوجوه المذكورة.

قال العبد الضعيف -عصمه اللَّه عما يطمه وصانه عما شانه-: إن من الظاهر أن الحديث غير محمول على الظاهر؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من جملة خلق اللَّه، وهو أحب الخلق إلى اللَّه من جميع الوجوه والحيثيات، فالمراد أهل زمان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الصحابة وغيرهم، إنما يكون من وجه واحد خاص أو وجوه متعددة مخصوصة، فلا حاجة إلى تخصيص الخلق بل إلى تخصيص الوجه أو الوجوه، فإنه ليس أحب وأفضل من جميع الوجوه سوى سيد المحبوبين وأفضل المخلوقين -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم الكلام في الصحابة إنما هو في الأفضلية من جهة كثرة الثواب والأحبية وغيرها، كما في القول المشهور من بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>