للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الشيخ مجد الدين الشيرازي اللغوي صاحب (القاموس) في (نقد الصحيح): حديث: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في (الموضوعات) من عدة طرق وجزم ببطلان الكل، وقال مثل ذلك جماعة، وعندي في ذلك نظر كما سنبينه، والمشهور برواية أبي الصلت عبد السلام بن صلاح الهروي، عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، وعبد السلام هذا ضعفوه جدًا واتهم بالرفض، ومع ذلك فقد روى عباس بن محمد الزوزني في سؤالاته يحيى بنَ معين أنه سأله عن أبي الصلت هذا فوثقه، فقال: أليس قد حدث (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، وكذلك روى صالح بن محمد الحافظ الملقب جزرة، وأبو الصلت محمد بن محرز عن يحيى بن معين أيضًا، وفي رواية أبي الصلت بن محرز قال يحيى في هذا الحديث: هو من حديث أبي معاوية أخبرني ابن نمير، قال: حدث به أبو معاوية قديمًا ثم كف عنه، وكان أبو الصلت الهروي رجلًا موسرًا يطلب هذه الأحاديث ويكرم المشايخ، يعني فخصه أبو معاوية بهذا الحديث، فقد برئ عبد السلام عن عهدة هذا الحديث، وأبو معاوية الضرير حافظ يحتج بأفراده كابن عيينه وغيره، ليس هذا الحديث من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث: (أرأف أمتي أبو بكر) الحديث، وقد حسنه الترمذي وصححه غيره، ولم يأت من تكلم على حديث (أنا مدينة العلم) بجواب عن هذه الروايات الثابتة عن يحيى بن معين، والحكم عليه بالوضع باطل قطعًا، إنما سكت أبو معاوية عن روايته شائعًا لغرابته لا لبطلانه، إذ لو كان كذلك لم يحدث به أصلًا مع حفظه وإتقانه، وللحديث طريق أخرى رواها الترمذي في (جامعه) (١) عن إسماعيل بن موسى الفزاري، عن محمد بن عمر بن الرومي،


(١) "سنن الترمذي" (٣٧٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>