للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مقيد بغير المتغير بدلالة الأحاديث الأخر، فقد روى أبو أمامة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه ولونه وطعمه)، ورواه ابن ماجه والدارقطني (١) ولفظه: (إلا ما غير لونه أو ريحه أو طعمه)، وهذا هو دليل مالك رحمه اللَّه، واحتج الشافعي وأحمد رحمهما اللَّه بحديث القلتين.

والدليل لأصحابنا على تنجس الماء قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده)، فإنه يدل على أن الماء يتنجس بوقوع النجاسة، وإلا لم يكن للنهي عن غمس اليد احتياطًا لتوهم النجاسة معنًى، وكذلك الأحاديث مستفيضة مشهورة في الأمر بغسل الظروف من ولوغ الكلب مع أنه لا يغير اللون والطعم والريح، وكذلك حديث: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) كما في الفصل الأول، ولا شك أن الماء الذي يمكن الاغتسال فيه قد يكون أكثر من قلتين ولا يغير البول لونه وطعمه وريحه، فعلم أن مجرد بلوغ الماء قلتين كما هو مذهب الشافعي، وعدم تغير اللون والطعم والريح كما هو مذهب مالك لا يكفي في عدم تنجس الماء، كذا قيل.

وقد ورد عن ابن عباس وابن الزبير -رضي اللَّه عنهم- أنهم أمروا بنزح كل الماء بوقوع الزنجي في بئر زمزم، ولم يظهر أثره في الماء، ولا شبهة في أنه كان أكثر من القلتين، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، ولم يظهر عن أحد منهم الإنكار عليهم، فيكون حديث القلتين مخالفًا للإجماع، فلا يقبل.

ولما لم يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حديث في تقدير الماء وتحديده رجع أصحابنا في


(١) "سنن ابن ماجه" (٥٢١)، و"سنن الدارقطني" (١/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>