فاندبغ، والدباغ والدبغ والدبغة مكسورات: ما يدبغ به، والدباغة حرفته، ومسك دبيغ ومدبوغ، والمدبغة موضعه ويضم باؤه.
وطهارة الجلد بالدبغ وإن كان جلد ميتة أو غير مأكول متفق عليها في مذاهب الأئمة الأربعة غير أن لأئمة مذهب أحمد رحمه اللَّه كلامًا في طهارة جلد الميتة، فبعضهم تكلموا في صحة الأحاديث الواردة في هذا الباب، وبعضهم التزموا صحتها، ومنعوا تخصيص عام القرآن بالسنة، وهو قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣] والجلد جزء منها، والمقصود تحريم الفعل المقصود من كل جزء منها، والمقصود من الجلد الانتفاع به، كما أن المقصود من اللحم الأكل، وأوردوا أحاديث دالة على النهي عن الانتفاع بالميتة بإهاب ولا عصب، منه حديث عبد اللَّه بن حكيم قال:(أتانا كتاب رسول اللَّه: أن لا تنتفعوا بإهاب ولا عصب)، وسيجيء هذا الحديث في الكتاب [برقم: ٥٠٨] برواية الترمذي والنسائي وابن ماجه، ومنعوا تخصيص الإهاب اسمًا للجلد قبل الدباغ، ويحكى عن صالح بن أحمد أنه قال: ليس عندي في الدباغ حديث صحيح، ورووا حديثًا للدارقطني أنه قال:(كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)، وهو مشعر بنهي بعد رخصة، وأن ما كان من الرخصة كان أولًا، هذا والحق أن أحاديث الدباغ صحيحة مشهورة تجوز بمثلها الزيادة على الكتاب، أو أن الكتاب مجمل لا عام فبينته السنة، ولهذا ذهب المحققون من الحنابلة بالطهارة، وأحاديث المخالفين ضعيفة.
ثم قد استثني من الإهاب جلد الخنزير لكونه حرامًا لعينه، وجلد الآدمي لكرامته، وفي الكلب اختلاف ذكر في الفقه، وعثد محمد الفيل كالخنزير، وعندهما ينتفع به، وقد نقل عن ناس من السلف أنهم كانوا يمتشطون بعظم الموتى نحو الفيل