للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: الأمر بالإسفار خاص في الليالي المقمرة احتياطًا لعدم تبين الفجر.

وقال الطحاوي من أصحابنا (١): يبدأ بالتغليس ويختم بالإسفار، ويجمع بينهما وهو أن يطول القراءة، وقال التُّورِبِشْتِي (٢): وهو أقوى التأويلين؛ لأنه يوفق بين الأحاديث التي وردت في التغليس والأسفار، وقال السُّغناقي: الأفضل في صلاة الفجر عندنا الإسفار بها، يبدأ بالإسفار ويختم بالإسفار في ظاهر الرواية، ولا ينبغي أن يؤخر تأخيرًا يقع له الشك في طلوع الشمس؛ لأن في ذلك خوف فساد صلاته.

وقال الشافعي: يستحب التعجيل في كل صلاة، والمراد من التعجيل هو أن يكون الأداء في النصف الأول، كذا في (الأسرار)، قال: لأن في هذا إظهار المسارعة في أداء العبادة وهو مندوب إليه؛ لقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣]، واستدل على تغليس الفجر بحديث أم المؤمنين عائشة -رضي اللَّه عنها- الذي مر في الفصل الأول من قوله: (فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس).

ولنا هذا الحديث الذي ورد فيه الأمر بالإسفار؛ ولأن في الإسفار تكثير الجماعة وفي التغليس تقليلها، وما يؤدي إلى تكثير الجماعة كان أفضل، ولأن المكث في مكان الصلاة حتى تطلع الشمس مندوب إليه كما نطقت به الأحاديث، وإحراز هذه الفضيلة متيسر في الإسفار، وفي التغليس قلما يتمكن منه، والذي ثبت في الروايات من فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الإسفار، فإن ثبت التغليس في وقت كان لعذر كالخروج إلى سفر ونحوه، ولهذا لما صلى ليلة المزدلفة بغلس ورد أنه صلى في غير وقته المعتاد، أو كان


(١) انظر: "شرح معاني الآثار" (١/ ١٨٣).
(٢) "كتاب الميسر" (١/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>