للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولقد قبل الخصوم أخبار الفَصْد والحِجّامة على ضعفها مع كونها فيما تعم به بَلْوَى البَرِيّة.

"و "أيضًا" اتفقنا على "قَبُول القياس" فيما تعمّ به البَلْوَى، "وهو أضعف" من خبر الواحد.

"قالوا: العادةُ تقضى بِنَقْلِهِ متواترًا"؛ فإن ما تعمّ به البَلْوَى يكثر السُّؤال عنه، وما يكثر السُّؤال عنه يكثر بيانه، وما يكثر بيانه يكثر نقله، فحين قلّ النقلُ فيه دلّ أنه لم يثبت في الأصل؛ كما قيل في الخَبَرِ الذي تتوفّر الدواعي على نقله.

"وردّ بالمنع"، فإنه ليس ممّا تتوفّر الدَّوَاعي على نقله، وقد قبلت الصحابة خبر الواحد في الغُسْل من الْتِقَاءِ الخِتَانَيْنِ، وهو مما تعمّ به البلوى، فإذن دعوى العادة ممنوعة.

"أما "تواتر البَيْع، والنكاح، والطلاق، والعِتْق"، فإنه "اتفاق" - أي: وقع على سبيل الاتفاق دون الفَصْد لإيقاع تَوَاتره.

"أو "قد يقال: "كان" النبي "مكلفًا بإشاعته"، بخلاف ما نحن فيه، فليس كلّ ما تعمّ به البلوى يُشَاع.

قال الغَزَالِيّ (١): وقد استقرينا الأفعال الوَاقِعَة منه - عليه أفضل الصلاة والسلام - فوجدناها أربعة أقسام:

أولها: القرآن.

وثانيها: مباني الإسلام، الشَّهادتان، والصَّلاة، والصَّوم، والزكاة، والحج، وقد علمنا اعتناءه بإشَاعَةِ هذين.

وثالثها: أصول المُعَاملات؛ كالبَيْع، والطَّلاق، والعِتَاق ونحوها، وقد وقع تواترها إما اتفاقًا، لحاجة النَّاس إليها، أو لوقوع أمر الله - تعالى -[بعد] (١) نبيّه بإشَاعتها.

ورابعها: تفاصيل هذه الأصول ممّا [يفسد] (٢) الصَّلاة، والعبادات من القَيْءِ، والمَسّ، واللَّمْس، ونحو ذلك، وهذا الجنس لم يشع، ومنه ما تعمّ به البَلْوَى وما لا تعمّ؛ وحكمه إنما يتعلّق بمن بلغه.


(١) سقط في أ، ت، ح.
(٢) في ح: يفد، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>