ثانيهما: الاتفاق، ومنه يقال: أجمع القوم على كذا إذا اتفقوا، قال في القاموس: الإجماع الاتفاق والعزم على الأمر، وقال ابن برهان وابن السمعاني: العزم أشبه باللغة، والاتفاق أشبه بالشرع، ويجاب عنه بأن الاتفاق وإن كان أشبه بالشرع فذاك لا ينافي كونه معنى لغويًا، وكون اللفظ مشتركًا بينه وبين العزم، قال أبو علي الفارسي: يقال: أجمع القوم إذا صاروا ذوي جمع، كما يقال: ألبن وأتمر إذا صار ذا لبن وتمر. والظاهر في تحرير المعنى اللغوي أن بين العزم والاتفاق عمومًا وخصوصًا وجهيًا يجتمعان في اتفاق الجماعة في إرادة شيء، وينفرد العزم في إرادة الواجد وينفرد الاتفاق في اتفاق الجماعة في قول أو فعل بدون إرادة وعزم.
ولا ريب في أن المعنى الثاني بالاصطلاحي أنسب؛ فإن الاتفاق مطلق يشمل اتفاق جمع ما، ولو كفارًا على أمر ما ولو معصية، والاصطلاحي اتفاق مقيد .. وقال صاحب التقرير: كون المعنى الثاني أنسب مبني على أنه إذا لم يبق من المجتهدين إلا واحد لا يكون قوله حجة كما هو أحد القولين ا. هـ. أي وأما على رأي من يقول أنه حجة يكون المعنى الأول أنسب فمن قال: إنه حجة لا يقول إنه إجماع؛ لأنه لا يصدق عليه تعريف الإجماع؛ فلا يكون المعنى الأول أنسب، ويكون المعنى الثاني هو الأنسب. =