وأما المفهوم فغير منطوق، فلم قلتم: إنه أقوى من دلالة العموم؟
"تنبيه"
إنما أتى المصنّف بحرف الشرط في قوله:"فإن قيل"، ولم يقل:"يقل" على العادة؛ لأنه كالآمدي لم يعرف مخالفًا في المسألة، فذكر بحثًا يمكن أن يقال به، ولم ير هو من قال به.
"فائدة"
قال الشيخ أبو حامد بعد أن ذكر أن دليل الخِطَابِ يخصّ العموم، هذا إذا عارضه غير النُّطق الذي هو أصله.
فأما إذا عرض على نطقه وأصله، فإما أن نسقطه ونبطله أو نخصّه فقط، فإن أعرض بالإسقاط والإبْطَال سقط الدليل، وذلك مثل ما روى عن النبي ﷺ أنه قال:"أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَليِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ"(١) نص على البطلان بغير الإذن، ودليله يقتضي جوازه بالإذْنِ، إلّا أن هذا الدليل إذا ثبت سقط النُّطق؛ لأن الأمّة أجمعت على التسوية بين أن تنكح المرأة بغير إذن وليها، وبين أن تنكح نفسها بإذنه، فعندما يبطل النكاح في الموضعين معًا، وعند المخالفين يصحّ فيهما، فإذا ثبت بالدَّليل جواز ذلك بإذنه ثبت بالإجماع جوازه بغير إذنه، وإذا ثبت جوازه بغير إذنه سقط النُّطق، فيكون هذا الدّليل مسقطًا لأصله فيسقط الدليل، ويثبت النطق.
قال: وأما إذا كان الدليل لا يسقط أصله، ولكن يخصه مثل قوله ﷺ: "إنَّ الله حَرَّمَ
(١) أخرجه أبو داود ٢/ ٢٢٩، كتاب النكاح: باب في الولي (٢٠٨٣)، والترمذي ٣/ ٤٠٨ كتاب النكاح: باب ما جاء لا نكاح إلا بولي (١١٠٢)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وابن ماجه ١/ ٦٠٥، كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي (١٨٧٩)، وابن حبان، ذكره الهيثمي في موارد الظمآن ص ٣٠٥، كتاب النكاح: باب ما جاء في الولي والشهود (١٢٤٨)، وأحمد ٦/ ٦٦، والشافعي ٢٠/ ١١، كتاب النكاح: الباب الثاني فيما جاء في الولي (١٩)، والدارمي ٢/ ١٣٧، كتاب النكاح: باب النهي عن النكاح بغير ولي، والحاكم ٢/ ١٦٨، كتاب النكاح: باب أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، وقال صحيح على شرط الشيخين، وذكر له متابعة.