للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المُخَالفة، ولقد توقّف الإمام الرازي فلم يختر شيئًا في "المحصول"، وجزم في "المنتخب" بأنه لا يخصص به.

وقال ابن دقيق العيد: إنه رآه لبعضهم (١)، وحَكَاه أبو الخَطَّاب الحنبلي عن قوم.

وقال ابن السَّمْعَاني: يجوز تخصيص العموم بدليل الخطاب على الظاهر من مذهب الشَّافعي، ولفظ "الظاهر ظاهر" في أن الخلاف موجود.

قال: ومثاله في الكتاب قوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٤١]؛ فإنه عام في كل مطلقة، ثم قال: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٣٦].

[فكان] (٢) دليله أن لا مُتْعَةَ للمدخول بها، فخصّ بها في أظهر قوليه عموم المطلقات، وامتنع من التخصيص بها في القول الآخر. انتهى.

وقضيته: تخريجُ قول للشَّافعي في تخصيص العموم بالمفهوم بكلام هذا الإمام الثَّبَت، واستفد ذلك.

والأصح في المذهب وجوب المُتْعَةِ للمدخول بها، ولكن المختار في الأصول أن المفهوم يخصّ العموم؛ لما ذكرناه.

"فإن قيل: العام أقوى" من المفهوم؛ لكونه منطوقًا، "فلا معارضة"؛ إذ شأن المتعارضين التعادل، وإذا لم يعارضه فلا يخصصه.

"قلنا": لا نسلم أنّ العام أقوى مطلقًا، بل من حيث إنه منطوق فقط، والمفهوم أقوى من حيث الدّلالة على الخاص، و"الجمع أولى" من سقوط أحد الدليلين؛ فإنَّ العمل بالمفهوم لا يلزم منه إبطال العُمُوم مُطْلقًا، بخلاف العكس، فيجمع عند تعارضهما بين دليليهما "كغيره" من المخصّصات، فإنا نعمل بها جمعًا بين الأدلّة، ولا يشترط التَّساوي في القوة من حيث المَتْن، كما يخصّ المتواتر بخبر الواحد وليسا متساويين، بل كل منهما أرجح من وجه.

ولقائل أن يقول: لا نسلّم أن المفهوم راجح من حيث الدّلالة، وليس كالعام والخاص؛ فإنهما منطوقان.


(١) ينظر: الإبهاج ٢/ ١٨٠.
(٢) في أ، ج: وكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>