للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاجْتِهَادُ

فِي الاصْطِلَاحِ: اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ الْوُسْعَ لِتَحْصِيلِ ظَنٍّ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَالْفَقِيه، تَقَدَّمَ، وَقَدْ عُلِمَ الْمُجْتَهِدُ وَالْمُجْتَهَدُ فِيهِ.

الشرح: "الاجتهاد" وهو في اللُّغة: استفراغ الوسع في تحصيل شيء، وأنت تعلم


= العقل الذي دل على رعايته تحريم الخمر وإقامة الحد على شاربها، فإذا عرض للمجتهد مطعوم لا يسمى خمرًا ولكنه يفعل بالعقل ما تفعله الخمر لم يتردد في تحريمه أخذًا بالدليل القائم على اعتداد الشارع بمصلحة حفظ العقل وبنائه بعض الأحكام على رعايتها، وهذا هو أصل القياس في الشريعة؛ فإنه مبني على التفقه في بعض الأحكام المنصوصة ومعرفة قصد الشارع فيها إلى مصلحة بعينها، حتى إذا وجدت هذه المصلحة في واقعة أخرى أخذت حكم الواقعة المصرح بها.
ولا نزاع في عدم الاعتداد بالمصالح التي قام الدليل الشرعي على إلغائها، والشارع الحكيم لا يلغي مصلحة إلا إذا عارضتها مصلحة أرجح منها؛ أو استتبعت مفسدة لا يستخف بأمرها، ومثال هذا الاستسلام للعدو: قد يبدو أن فيه مصلحة حفظ النفوس في القتل، ولكن الشارع رأى أن هذه المصلحة مغمورة بالمفاسد من كل جانب، فلم يعتد بها، وأذن في دفاع العدو نظرًا إلى مصلحة أرجح منها، وهي احتفاظ الأمة بالعزة والكرامة والتمكن من المسابقة في مضمار الحياة.
ومن هذا الباب تعدد الزوجات: يتبعه من الضرر أن تتألم المرأة من أن تشاركها في صلة الزوجية امرأة أخرى، ففي ترك التعدد مصلحة هي: قطع وسيلة استياء الزوجة، ولكن الشارع ألغى هذه المصلحة مكتفيًا بما اشترطه من العدل بين الزوجات، وأباح التعدد نظرًا إلى ما قد =

<<  <  ج: ص:  >  >>