للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ:

الْمُشْتَرَكُ يَصِحُّ إِطْلاقُهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ مَجَازًا لا حَقِيقَةً وَكَذَلِكَ مَدْلُولا الْحَقِيقَةِ؛ وَالْمَجازِ.

وَعنِ الْقَاضِي وَالْمُعْتَزِلَةِ: يَصِحُّ حَقِيقَةً؛ إِنْ صَحَّ الْجَمْعُ.

ويخص آية الظهار واللعان إِشكال آخر، وهو أن "الذين" في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ [سورة المجادلة: الآية ٣] مبتدأ، وخبره "فتحرير" أي [أو] (١): فكفارتهم تحرير، وجاز حذف ذلك لدلالة الكلام عليه، وجاز دخول الفاء في الخبر؛ لتضمّن المبتدأ معنى الشرط، وتضمّن الخبر معنى الجزاء، فإِذا أريد التَّنصيص على أن الخبر مستحقّ بالصلة، دخلت الفاء حتمًا للدلالة على ذلك، وإِذا لم تدخل احتمل أن يكون مستحقًّا به، أو بغيره، كما لو قيل: الذين يظاهرون عليهم تحرير رقبة، وإِن كنا نقول: إِنَّ ترتيب الحكم على الوصف مشعرٌ بالعلّية، ولكن ليس بنصّ، ودخول الفاء نص.

وإِذا عرفت هذا، فالآية لا تشمل إِلَّا من وُجِد منه الظِّهَار بعد نزولها؛ لأن معنى الشرط مستقبل، فلا يدخل فيه الماضي، وقد أوجب النبيّ الكَفَّارة على أوس بن الصَّامت، وذلك لا شَكّ فيه من جهة أنه السَّبب، إِلا أن هذا الإِشكال يَعْتَوره.

ثم أجاب عنه فقال: أما إِثبات أحكام هذه الآيات لمن وجد منه السَّبب قبل نزولها، فنقول: إِن السرقة والزنا ونحوهما من الأفعال الَّتي كانت معلومة التحريم عندهم، ووجوب الحَدّ فيها لا يتوّقف على العلم، والفاعل لها قبل نزول الآية إِذا كان هو السَّبب في نزولها في حكم المُقَارن لها؛ لأنها نزلت مثبتة لحكمه، فلذلك ثبتت حكمها فيه دون غيره ممن تقدمه.

وأما دخول "الفاء" في الخبر فيستدعى العُمُوم في كلّ من يتظهر من امرأته مثلًا، وذلك يشمل الحاضر والمستقبل، وسبب النُّزول حاضر، أو في حكم الحاضر، وأما دلالة الفاء على الاختصاص بالمستقبل، فقد يمنع.

"مسألة"

الشرح: معروفة بالشَّافعية: "المشترك يصح إِطلاقه على" كُلّ واحد من "معنييه" بمفرده، وذلك حقيقة بلا نظر؛ لأنه لفظ مستعمل فيما وضع له أولًا.


(١) سقط في ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>