للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالِثُ ابْتِدَاءُ الْوَضْعِ لَيْسَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَمَدْلُولهِ مُنَاسَبَةٌ طَبِيعِيَّةٌ؛ لَنَا: الْقَطْعُ بِصِحَّةِ وَضْعِ اللَّفْظِ لِلشَّيْءِ وَنَقِيضِهِ وَضِدِّهِ - وَبِوُقوعِهِ؛ كَالْقُرْءِ، وَالْجَوْنِ.

الشرح: "ابتداء الوضع ليسر بين اللَّفظ ومدلوله مناسبةٌ طبيعيةٌ" (١)؛ خلافًا لـ "عبَّاد بن سليمان الصَّيْمَرِيّ (٢) (٣)؛ إذ أثبت مناسبةً، قيل: حاملةً للواضعِ على (٤) أن يضع.

وقيل: بل كافيةً بمجرَّدها في كون الألفاظ دالَّةً على المعاني من غير احتياج إلى الوضع، قال الشيخ الأصبهاني: وهو الصحيح عن عباد.

"لنا: القَطْعُ بصحَّة وضع اللَّفظ للشيء ونقيضه"، وللشيء "وضده"؛ "و "القطع، "بوقوعه" أيضًا؛ "كالقُرْء"؛ الموضوعِ للطهر والحيض، "والجَوْن" (٥)؛ للأسود والأبيض.

ولك أن تقول: هذا (٦) مثال الضدين، فأين مثال النقيضين؟

وقد قال الإمام الرَّازي: لا يجوز أن يكون اللفظ مشتَرَكًا بين عدم الشيء وثبوته؛ وهو ضعيف.


(١) من المعلوم ضرورة أن دلالة اللفظ على مسمى دون مسمى مع استواء نسبته إليهما يمتنع، فيلزم الاختصاص بأحدهما ضرورة، والاختصاص لكونه أمرًا ممكنًا يستدعي في تحققه مؤثرًا مخصصًا، وذلك المخصص بحكم التقسيم إما الذات أو غيرها، وغيرها إما الله تعالى وتقدس أو غيره. ثم إن في السلف من يحكى عنه اختيار الأول، كأرباب علم التكسير وبعض المعزلة حيث ذهبوا إلى أن دلالة اللفظ على المعنى لمناسبة طبيعية بينهما، وفيهم من اختار الثاني، وفيهم من اختار الثالث، وأطبق المتأخرون على فساد الرأي الأول. ينظر: الشيرازي.
(٢) أبو سهل عباد بن سليمان المعزلي من أصحاب هشام الغُوطي. يخالف المعزلة في أشياء اخترعها لنفسه، وقد وصفه أبو علي الجُبَّائي بالحذق في الكلام، ويقول: لولا جنونه. صنف كتاب: "إنكار أن يخلق الناس أفعالهم"، و"تثبيت دلالة الأمراض" و"إثبات الجزء الذي لا يتجزأ". ينظر: طبقات المعزلة ٧٧، وسير أعلام النبلاء ١٠/ ٥٥١، والفهرست ٢١٥.
(٣) في ت: سلمى الضمري.
(٤) ينظر: الإحكام للآمدي ١/ ٧٠، والعضد ١/ ١٩ وحاشية البناني على جمع الجوامع ١/ ٢٦٥، وشرح الكوكب المنير ١/ ٩٧، والمستصفى ١/ ٣١ والإبهاج ١/ ١٩٤، وإرشاد الفحول ص (١٢)، ونهاية السول ٢/ ١١، والخصائص لابن جني ١/ ٤٠، المزهر للسيوطي ١/ ١٦.
(٥) في أ: الحوت.
(٦) في حاشية ج: قوله: هذا مثال … إلخ جعل العضد الحيض والطهر نقيضين. فتأمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>