للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ:

الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الإِجْمَاعَ لا يُنْسَخُ بِهِ؛ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ عَنْ نَصٍّ فَالنَّصُّ النَّاسِخ، وَإنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ نَصٍّ وَالأوَّلُ قَطْعِيٌّ - فالإِجْمَاعُ خَطَأ، أَوْ ظَنِّيٌّ فَقَدْ زَالَ شَرْطُ الْعَمَلِ بِهِ، وَهُوَ رُجْحَانُهُ.

قَالُوا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعُثْمَانَ : كَيْفَ تُحْجِبُ الأمَّ بِالأَخَوَيْنِ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ [سورة النساء: الآية ١١]، والأَخَوَانِ لَيْسَا إِخْوَةً. فَقَالَ: حَجَبَهَا قَوْمُكَ، يَا غُلامُ.

قُلْنَا: إِنَّمَا يَكُونُ نَسْخًا بثُبُوتِ المَفْهُومِ قَطْعًا، وَأَن الآخَوَيْنِ لَيْسَا إِخْوَةً قَطْعًا، فيَجِبُ تَقْدِيرُ النَّصِّ، وإلَّا كَانَ الاجْمَاعُ خَطَأً.

«مسألة»

الشرح: "الجمهور: على أن الإجماع لا ينسخ به"؛ "لأنه إن كان عن نصّ فالنص الناسخ" في الحقيقة لا الإجماع.

"وإن كان عن غير نصّ، والأول" أي دليل المنسوخ "قطعي - فالإجماع خطأ"؛ لأنه على خلاف القاطع، فلا يتصّور؛ لأنه لا يتصور خطأ الإجماع، "أو ظني فقد زال شرط العَمَل به، وهو رُجْحانه"؛ لطريان الإجماع، وإذا انتفى رجحانه لم يفد الظَّن، فلا يثبت به حكم، فلا يتصور رفع ونسخ.

الشرح: "قالوا: قال ابن عباس لعثمان: كيف تحجب الأم بالأخوين، وقد قال الله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ [سورة النساء: الآية ١١]: والأخوان ليسا إخوة؟ ".

فقال: "حجبها قومك يا غلام"، كما تقدم في مسألة أقل الجمع، وهو تصريح بإبطال حكم القرآن بالإجماع، وذلك هو النسخ.

"قلنا: إنما يكون نسخًا بثبوت" نصّه "المفهوم قطعًا"، وأن الأخوين ليسا إخوة قطعًا" لا ظاهرًا؛ فإن ذلك لو ثبت بدليل ظاهر وجب حمله على غير ظاهره؛ دفعًا للنسخ، ولكن ليس كلّ واحد من ثبوت المفهوم، وأن أقل الجمع بثلاثة قطعي، "فيجب تقدير النص" الدَّال على الحجب، "وإلا كان الإجماع خطأ"؛ لكونه على خلاف القاطع، وحينئذٍ فالناسخ النص لا الإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>