للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قَرَائِنِ التَّعْرِيفِ وَأَحْوَالِ الْمُخْبِرِينَ وَالاِطِّلَاعِ عَلَيْهِمَا وَإِدْرَاكِ الْمُسْتَمِعِينَ وَالْوَقَائِعِ.

وَشَرَطَ قَوْمٌ الْإِسْلَامَ وَالْعَدَالَةَ؛ لإِخْبَارِ النَّصَارَى بِقَتْلِ الْمَسِيحِ.

ثم أكثر الشَّافعية - كما قدمنا - يقولون: لا يتصوّر حصول العلم بالأربعة، والمتأخرون سكتوا عن هذا.

وقضيةُ إطلاقهم وردّهم على القاضي تجويز حصول العلم بالأربعة - والأمر هنا سهل، فإن المدار فيه على حصول العلم، وإنما جعل المتأخرون ضابطه حصول العلم من غير نظر إلى عدد مخصوص؛ "لأنّا نقطع بالعلم من غير علم بعدد مخصوص"؛ كالعلم بوجود البلاد النَّائية (١)، والأشخاص الماضية؛ إذ لا نعلم فيه عددًا مخصوصًا "لا متقدمًا" على العلم بصدق الخبر المتواتر، "ولا متأخرًا" عنه.

فلو أوجب وجب عدد مخصوص العلم لم يحصل إلَّا بعد تحقق وجود ذلك العدد - وهذا واضح في الرد على من يدعي حصول العلم بعدد مخصوص، ونحن معاشر الشَّافعية لا نقول بذلك، وإنما ننفي حصول العلم بقول الأربعة، وكلما نذكر مما (٢) حصل العلم فيه، فإن الخمسةَ فيما زاد عليها موجود فيها، ولن يجد أحد سبيلًا إلى إيراد خبر كان المخبرون فيه أربعة فأقل، وحصل العلم به بمجرد ذلك.

"ويختلف" عدد التَّوَاتر "باختلاف قَرَائِنِ التعريف" - أي: القرائن المقترنة بالخبر المفيدة للعلم بالمخبر عنه، "وأحوال المخبرين" صلاحًا، وصدق قول، وغير ذلك.

"و" يختلف أيضًا باختلاف "الاطِّلاع عليهما" - أي: القرائن وأحوال المخبرين.

"و" باختلاف "إدراك المستمعين"؛ لاختلافهم في الأفهام والقرائح.

وباختلاف "الوقائع" - من عظم الواقعة وحَقَارتها؛ فإن حصول العلم مختلف باختلاف ما ذكرناه، فلو كان ضابط حصول العلم هو العدد المخصوص؛ لما اختلف عند حصوله.

الشرح: "وشرط قوم الإسلام" (٣)، "و" آخرون "العدالة؛ لإخبار النَّصَارى بقتل المسيح"،


(١) في أ، ت، ح: الثابتة.
(٢) في ت: ما.
(٣) هذه هي الشرائط التي اعتبرها قوم دون قوم، شرط قوم الإسلام والعدالة في المخبرين؛ لأن الكفر والفسق عرضة للكذب والتحريف، والإسلام والعدالة يمنعانه، ولهذا لم يحصل العلم بإخبار =

<<  <  ج: ص:  >  >>