للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: فَسَادُ الْوَضعِ، وَهُوَ كَوْنُ الْجَامِع ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ؛ مِثْلُ: مَسْحٌ فيُسَنُّ فِيهِ التَّكْرَار، كَالاسْتِطَابَةِ فَيَرِدُ أَنَّ الْمَسْحَ مُعْتَبَرٌ فِي كراهَةِ الْتَّكْرَارِ عَلَى الْخُفِّ.

وَجَوَابُهُ: بِبِيَانِ الْمَانِعِ؛ لِتَعَرُّضِهِ لِلتَّلَفِ، وَهُوَ نَقْضٌ إِلَّا أَّنهُ يُثْبِتُ النَّقِيضَ، فَإنْ ذَكَرَهُ بِأصْلِهِ فَهُوَ الْقَلْب، فَإِنْ بَيَّنَ مُنَاسَبَتَهُ لِلنَّقِيضِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ مِنَ الْوَجْهِ الْمُدَّعَي، فَهُوَ الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ، وَمِنْ غَيْرِهِ لا يَقْدَحُ؛ إِذْ قَدْ يَكُونُ لِلْوَصْفِ جِهَتَانِ، كَكَوْنِ المَحَلِّ مُشْتَهًى يُنَاسِبُ الإِبَاحَةَ لإِرَاحَةِ الْخَاطِرِ، وَالتَّحْرِيمَ لِقَطْعِ أَطْمَاعِ النَّفْسِ.

امرأة بين حجرين، فقتلها، "فرضخ رسول الله رأسه بين حَجَرَيْنِ" (١)، ويرجح قياسًا باعْتِضَادِهِ بالحديث، وغير ذلك من المرجَّحات.

الشرح: "الثالث: فساد الوَضع"، وقد جعله بعضهم هو وفساد الاعتبار واحدًا، وهي طريقة أبي إِسحاق الشيرازي (٢).

"وهو: كون الجامع ثبت اعتباره بنصّ أو إِجماع في نقيض الحكم"، والشيخ أبو إسحاق جعل بدل "الإِجماع" الأصول، أي: أن الأصل المقيس عليه يشعر بنقيض الحكم، وكذلك إِمام الحرمين، مثل قولهم: قتل العَمْد لا يوجب الكَفَّارة؛ لأنه معنى يوجب القتل، فلا يوجب الكفارة كالردة، فيقال: وجوب القتل يدلّ على تغليظ حكمه، فكيف يجعل سببًا لإسقاط الكفارة.


= وثقه ابن المديني وابن معين، وتكلم فيه غيرهما. قال خليفة: مات سنة أربع وسبعين ومائة.
ينظر: تهذيب التهذيب ٥/ ٤٥ (٧٧)، وتقريب التهذيب ١/ ٣٨٤ (١٣)، وتاريخ البخاري الكبيو ٦/ ٤٨٢، والجرح والتعديل ٦/ ٣٤٥، وميزان الاعتدال ٢/ ٣٥٢، وخلاصة تهذيب الكمال ٢/ ١٨.
(١) أخرجه البخاري كتاب الطلاق ب ٢٤، ومسلم في القسامة ب ١٥، وأبو داود في الديات ب ١٠، والترمذي في الديات ب ٦، وابن ماجة في الديات ب ٢٤، وأحمد (٢/ ١٦٢، ١٨٢، ٢٠٢، ٢٦٧).
(٢) ينظر: البحر المحيط للزركشي ٥/ ٣١٩، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٤/ ٦٣، والمنخول للغزالي ص ٤١٥، وحاشية البناني ٢/ ٣٢١، والآيات البينات لابن قاسم العبادي ٤/ ١٤٩، وتيسير التحرير لأمير بادشاه ٤/ ١٤٥، وحاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى ٢/ ٢٦٠، وشرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ٢/ ٩٦، وميزان الأصول للسمرقندي ٢/ ١٠٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>