أقول: وفيما ذهب إليه الشيرازي نظر؛ لأنه إن أراد بقوله: "لأِنَّهُ فِي مَعْنَى النُّطْقِ" أنه في معناه من حيث القصد والإرادة، فمسلم، ولا يفيد؛ لأن هذا لا ينافي ضعفه عن معارضة النص، كما قال المانعون. أما إن أراد أنه في معناه من حيث القوة، فممنوع؛ للاتفاق على حجية المنطوق، والاختلاف في حجية المفهوم المخالف، والمتفق عليه أقوى من المختلف فيه قطعًا. والذي نراه حقًّا هو ما ذهب إليه المانعون من عدم جواز النسخ به، فإن قيل: لِمَ رجحتم في مبحث التخصيص بالمفهوم جوازه بمفهوم المخالفة، ورجحتم هنا عدم جواز النسخ به، مع أن كُلًّا من التخصيص والنسخ، لا بد فيه من المعارضة؟ فالجواب: لأن التخصيص فيه إعمال للدليلين، فلم يشترطوا فيه التعادل بينهما، بل اكتفى فيه بكون المفهوم دليلًا شرعيًّا، بخلاف النسخ؛ فإنَّ فيه إبطالًا لأحدهما، فكان فيه "ضروريًّا. (٢) ينظر: البرهان ٢/ ١٣١٣، والإبهاج ١/ ٢٥٧، ونهاية السول ٢/ ٦١١، والتبصرة (٢٧٥)، والعدة ٣/ ٨٢٠، والإحكام للآمدي ٣/ ١٥٢ (١٦)، وشرح الكوكب ٣/ ٥٧٣، والوصول لابن برهان (٢/ ٥٧ - ٦٠)، والمسودة (٢١٣ و ٢٢٠)، وجمع الجوامع ٢/ ٨٩، والتحرير ٣٩٥، والتيسير ٣/ ٢١٥، وفواتح الرحموت ٢/ ٨٦، والروضة ص ٤٦.