للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ أَوِ الْحُكْمُ بِهِمَا، فَأَمْرٌ عَقْلِيٌّ؛ لأِنَّهَا إِمَّا كَوْنُ. . . .

الشرح: "وأما الصحة (١) والبطلان، أو الحكم بهما فأمر عقلي؛ لأنها" - أي: الصحة الكائنة في العبادات، فهي "إما كون الفعل مسقطًا للقضاء" كما يقول الفقهاء، "وإما موافقة أمر الشَّارع" كما يقول المتكلمون.

وعلى [خلافهما تنبني] (٢) صلاةُ من ظَنّ أنه متطهّرٌ.

وقد يكون في المُعَاملات، وهي ترتب الأَثَرِ.

وصحَّة العبادات لا تكون من أحكام الوضع كما قلناه؛ لأنه بعدَ ورود الشَّرْع بالفعل يكون الفعل موافقًا للأمر أو مخالفًا، ومسقطًا للقضاء، أو غير مسقط غير محتاج إلى التوقيف من الشرع، بل يعرف بمجرّد العَقْل، فهو كونه مؤديًا للصلاة، أو تاركًا لها، كذا قال، وفيه نظرٌ.

والصَّوابُ عندنا أن الصِّحة والبطلان والحكم بهما أمور شرعية، وكون الفعل مسقطًا أو موافقًا للشَّرْع هو من فعل الله - تعالى - وتصييره (٣) إياه سببًا لذلك، فما الموافقة ولا الإسقاط (٤) بعقليين؛ لأنَّ للشرع فيهما مدخلًا، ولو لم تكن الصِّحة شرعية لم يقض القاضي بها عند اجتماع شرائطها، لكنه يقضي بالصِّحة إجماعًا فدلَّ أنها شرعية؛ إذ لا مَدْخل للأقضية في العقليات.

والعَجَبُ كلُّ العجب ممن يرى أن خطاب الوضع حكم شرعي، لم لا يرى الصحةَ حكمًا شرعيًّا؟ ولو قال هذه المقالة مَنْ لا يرى ذلك لرددناها عليه، فما ظنّك بمن يراها.


= الشروط العقلية كالحياة للعلم، والشرعية كالطهارة مع الصلاة والعادية كالغذاء مع الحياة في بعض الحيوانات.
(١) ينظر مباحثه في: البحر المحيط للزركشي ١/ ٣١٢، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١/ ١٢١، ونهاية السول للإسنوي ١/ ٩٤، وزوائد الأصول للإسنوي ص ٢٤٦، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص ١٣، والتحصيل من المحصول للأرموي ١/ ١٧٨، وحاشية البناني ١/ ٩٩، والإبهاج لابن السبكي ١/ ٦٧، والآيات البينات لابن قاسم العبادي ١/ ١٣٨، وحاشية العطار على جمع الجوامع ١/ ١١٧، والمعتمد لأبي الحسبن ١/ ١٣٨، والتحرير لابن الهمام ص ٢١٦، وشرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ٢/ ١٢٢، وميزان الأصول للسمرقندي ١/ ١٣٩، الكوكب المنير للفتوحي ص ١٤٦.
(٢) في أ، ح: اختلافهما ينبني.
(٣) في ب: تصير.
(٤) في ب، ج: إسقاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>