للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"المعتبر كما ذكر في الإجماع الظني" أن المعتبر فيه رُجْحَان الظَّن، وإلا عُمِلَ بالعام، "وهذه" نُكْتة ينبه عليها هنا، فنقول:

"هذه" المسألة "ونحوها" كتقديم خبر الواحد على عموم الكتاب "قطعية عند القاضي؛ لما ثبت من القَطْع بالرَّاجح من الأمارات" فيقال هكذا:

هذا مظنون، وكل [ما هو] (١) مظنون يجب العمل به، كما تقدم في أوائل الكتاب "ظنية عند قوم؛ لأن الدليل الخاصّ بها ظني"، والمأخوذ من الظني ظني.

واعلم أن المصنّف لو اقتصر على قوله: "إنها قطعية عند القاضي، ظنية عند قوم" كما صنع الآمدي، ولم يذكر علّة القطع كان صَنِيعًا جيّدًا؛ فإن القاضي لا يقبل في دعواه القطع بما ذكره، ولو كان هذا قوله لكان النزاع بينه وبين القائلين بأنها ظنية لفظيًّا، وإنما هو معنوي، والقائل بالقَطْع يقع بتخطئة المخالف كما صرح به القاضي غير مرة في "التقريب"، وأتباعه كإمام الحرمين والغزالي وغيرهما. وقد عرفناك غير مَرَّة أن القاضي يتطلّب القطع، ولذلك يتوقف في غالب المسائل؛ لقلة القواطع.

والناس مختلفون في مسائل أصول الفقه، هل هي بأجمعها قطعية، أو بعضها ظني؟

والأول هو رأي القاضي وأكثر المتقدمين، ونقل عن العلماء قاطبةً، والثاني هو الأظهر عندنا.

وإذا عرفت أنها قطعية عند القاضي، فتوقفه إنما هو عن القطع، ولا ننكر أن الأرجح التخصيص، ولكن عنده أن الأرجحية لا تكفي في هذه المسألة وأمثالها، فاعرف ذلك.

وعنده تبين لك أن خلافنا معه عائد إلى هذا الأصل، فإنا نوافقه على انتفاء القطع، وإنما ندعى أن الظَّن كافٍ في العمل، فلا نتوقّف، وهو لا يكتفي بالظن، فيتوقف.

وقد تقدم التنبيه على نظائر (٢) هذا كثيرًا.

"فرع"

قال ابن السَّمْعَاني: من تخصيص العموم بالقياس، قوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [سورة النور: الآية ٢] ثم خصت الأمة بنصف الجلد بقوله:


(١) سقط في ب.
(٢) في أ، ب: أنظار.

<<  <  ج: ص:  >  >>