للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدها بها عدد يتراوح بين خمسين ألف ومائة ألف بلا مأوى سوى الطرقات، وبلا ملابس سوى أسمال بالية، كذلك دهش البعض الآخر من كثرة الشحاذين بالقاهرة في ذلك العصر، وقال: إنهم أحاطوا به من كل جانب طالبين منه الإحسان.

ومع هذا القحط وشظف العيش إلا أن العوام كانوا يجدون بعض العطف من السلاطين المماليك وأمرائهم، ولكن لكثرة عددهم دفعهم الحال إلى احتراف السلب والنهب، وخاصة في أوقات الفتن والاضطرابات (١).

الطَّبقةُ الرَّابِعَةُ: أهْلُ الذمَّة والأقليات الأجنبية:

أما أهل الذمة فهم أهل الكتاب ومن في حكمهم - من الأقليات الأجنبية - ممن يعيشون بين ظهراني المسلمين، حيث دخلوا في ذمتهم، وخضعوا لسلطان دولتهم، وقبلوا جريان أحكام الإسلام عليهم، واكتسبوا بذلك التبعية لدار الإسلام، أو ما يشبه الجنسية بلغة عصرنا.

وقد وجد في المجتمع المملوكي كثير من الجنسيات الأخرى مثل: الجركس، والمغول، والصين، والإسبان، والألمان، وغير ذلك من الجنسيات الأخرى.

وكان أهل الذمَّة يعيشون في طبقة خاصَّة مستقلة، وقد قدر عددهم في مدينة القاهرة وحدها - وقتذاك - بعشرين ألفًا، نصفهم من الأقباط، والآخر من اليهود (٢).

وكانوا على احتفاظ بجميع طقوسهم وطرق حياتهم، إلا أنهم ما كانوا يجدون متنفسًا في ظل دولة المماليك، مما كان يحنقهم، ويجعلهم يقومون بأعمال انتقامية. قال علي مبارك: "وفيها - سنة ثمان وتسعين وستمائة - أمر اليهود بلبس العمائم الصفر، والنصارى بلبس العمائم الزرق، والسامرية بلبس العمائم الحمر تمييزًا لهم عن المسلمين" (٣).

ومما دفع أهل الذمة - تحت السلطة المملوكية - إلى القيام بالثورات والفتن، ومناوءة حكم السلاطين - ما لاقاه الصليبيون في الشام من هزائم وطرد عن ديار المسلمين، فكان


(١) ينظر فيما سبق: د. سعيد عاشور: المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك ص ٣٨.
(٢) ينظر: د. سعيد عاشور: المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك ص ٣٧ وما بعدها.
(٣) الخطط التوفيقية ١/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>