[السَّابعُ]: مَنْعُ كَوْنِهِ عِلَّةً، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الأَسْئِلَةِ؛ لِعُمُومِهِ وَتَشَعُّبِ مَسَالِكِهِ، وَالْمُخْتَارُ قَبُولُه، وإلَّا أَدَّى إِلَى اللَّعِبِ فِي التَّمَسُّكِ بِكُلِّ طَرْدٍ.
قَالُوا: الْقِيَاسُ رَدُّ فَرْعٍ إلَى أَصْل بِجَامِعٍ، وَقَدْ حَصَلَ.
قُلْنَا: بِجَامِعِ يُظَنُّ صِحَّتُهُ.
الأصل مثل" ما يقال على لسان الشَّافعية في الكلب: "حيوان يغسل من ولوغه سبعًا، فلا يطهر بالدِّبَاغ كالخِنْزِيرِ، فيمنع" وجوب الغُسل سبعًا من ولوغ الخنزير.
ثم اختلفوا في أنه هل يسوغ للمعترض تقرير المنع، أو يجب عليه الإقتصار عليه؟ بعد اتفاقهم على أنه لا يسوغ له المنع إِلا إذا اعتزى إِلى ذي مذهب يرى المنع.
والمختار: إِن كان المنع خفيًّا، بحيث يخشى نسبة المانع إِلى المُكَابرة، مكّن من تقريره، وإلا فلا.
"وجوابه: بإثباته" أي: بإِثبات وجود الوصف المدّعي علة في الأصل "بدليل من عَقْل، أو حس، أو شرع" على حسب الوَصْف في كل مسألة، ففي العقل، كما نقول: نكحت نفسها مع وجود الوَلِيّ، فلا يجوز، قياسًا على ما إِذا نكحها أجنبي، بجامع الافتيات الضَّار بالأولياء.
فجوابه: أن العقل قاض بأن من افتيت عليه اشتغل باله، وهو ضرر.
وفي الحس، كما يقال: لا نسلّم وجود الافتيات، فيقال: بدليل أنَّا نشاهد وجهه متمعّرًا، وفي الشرع قد مثل له المصنّف بمثال للمنع الظَّاهر، ومن أمثلة المنع الخفي:
قولنا في الوضوء: عبادة يبطلها الحَدَث، فكان الترتيب شرطًا فيها كالصَّلاة، فيمنع كون الحدث مبطلًا للصلاة، وإنما يبطل الطهارة، وببطلانها تبطل الصلاة.
فنقول: لا خلاف بيننا أنه لو سبقه الحَدَث، فانصرف ليتوضّأ، ثم أحدث في طريقه أن صلاته تبطل، وليس هناك طَهَارة، فدلّ على أن الحدث يبطل الصلاة على الانفراد، والطهارة على الانفراد.
قال الشيخ أبو إسحاق: وله الجواب - أيضًا - بالتفسير، بأن يفسر ذلك بمعنى مسلم موافق للفظ العلّة، كما يقول: أريد بقولي: يبطلها الحدث، أن الحدث يمنع إتمامها، والاحتسابَ بما مضى منها.