(١) المكروه لغة: مأخوذ من كره الشيء كرهًا، خلاف أحبَّه، فهو ما تعافه النفس وترغب عنه، والمكروه: الشر، ويقال: كرَّهت إليه الشيء تكريهًا ضد حبَّبته إليه. وفي الاصطلاح الشرعي: المكروه لفظ مشترك يطلق في عرف الفقهاء على معان كثيرة: أولًا: يطلق ويراد به المحظور وهو الحرام كما في قوله تعالى: "كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهًا": أي محرمًا. ثانيًا: يطلق ويراد به ترك ما كانت مصلحته راجحة كترك المندوب، وهذا المعنى صادق على خلاف الأولى، فيكون تعريفه تعريفًا له. ثالثًا: يطلق ويراد به ما نهى عنه نهى تنزيه، كالصلاة في الأمكنة المكروهة كالحمام للتعرض لوسوسة الشياطين والرشاش، وفي مبارك الإبل، فإنه يتعرض لنفارها، وفي قارعة الطريق لمرور الناس، وغير ذلك، وكل من هذه الأمور يشغل القلب عن الصلاة، ويشوش الخشوع. رابعًا: قد يطلق ويراد به ما في النفس منه شيء أي فيه ريبة وشبهة في تحريمه وإن كان في أصله حلالًا، كأكل لحم الضب. أما في اصطلاح الأصوليين: نظرًا لورود المكروه في الشرع بالمعاني السابقة اختلف في حده، فمن نظر إلى الاعتبار الأول حده بحد الحرام. ومن نظر إلى الاعتبار الثاني: حده بترك الأولى. والأفضل مذهب الخصم كراهيته، وهذا من العبث، وكيف يطمع المحصل في إفضاء هذا الكلام إلى التحقيق، مع اعترافه بأنه المكروه لا يمتنع أنه يقع امتثالًا. وهذا الكلام من إمام الحرمين يفهم منه: أن نهي الكراهة، يدل على الفساد إذا كان منهيًا عنه من الجهة التى أمر به منها فيكون واجبًا من حيث ثبتت كراهيته، ومكروهًا من حيث ثبت وجوبه، وبالتالي في مثل هذه الحالة لا يمكن أن يجتمع المكروه والواجب لوجود التضاد بينهما، أما إذا كانت الكراهية من غير جهة الإيجاب، أو الوجوب من غير جهة الكراهية، ففي هذه الحالة لا يقتضي النهي فيه الفساد، =