للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ أَبْلَغ، فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُقابِلُ الْأَغْلَبَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ.

عند عدم القرينة - إلى الحقيقة، مع جواز إرادة المجاز.

الشرح: "وما ذكر" في ترجيح المجاز؛ "من أنه أبلغ" وأوجز … إلى آخرها - "فمشترك بينهما"؛ إذ يتحقق في المشترك؛ كما هو في المجاز؛ فلا يترجَّح به المجاز.

"والحق أنه لا يُقابِلُ الأغلَبَ شيءٌ مما ذُكِرَ" في تَرْجِيحِ المشترك؛ لأن ذلك كله إنما يعتبر؛ لأنه مَظِنَّةُ الغَلَبَةِ، ولا عِبْرَةَ بالمَظِنَّة، مع تحقُّق أن المجاز أغلبُ؛ فكان المجاز أولى.

ولمُضَايقٍ في العبارة أن يقول: سلَّمنا أنَّهُ لا يعارِضُهُ شيءٌ مما ذُكِرَ، لِمَ قلتم: إن مجموعها لا يعارِضُ؟.

وقد يجاب؛ بأن المجموع من جملة ما ذُكِرَ كلّ فرد ذكر له، يدخل تحت قوله: (شيءٌ ممَّا ذُكِرَ)؛ والمعنى: لا المجموع، ولا كلُّ فردٍ، ولكن إذا لم يعارض المجموع، لم يعارض بعضُه؛ بطريق أولى، فلو قال: لا يُعارِضُ الأغلبَ ما ذُكِرَ، كان أخصر وأولَى.

"فرع"

موطوءة الأب بالزِّنا، يحل للابن نكاحُها، لقوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [سورة النساء: الآية، ٣].

فإن عورض؛ بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [سورة النساء: الآية، ٢٢]، وحقيقةُ النكاح الوطءُ (١).


(١) النكاح في اللغة: الضم والتداخل، ومنه: نكحت البر في الأرض: إذا حرثتها وبذرته فيها، ونكح المطر الأرض: إذا خالط ثراها. ونكحت الحصى أخفاف الإبل: إذا دخلت فيها. ويكون التداخل حسيا كما ذكر، ومعنويًا كـ: نكح النعاس العين.
ويطلق في اللغة على الوطء حقيقة وعلى العقد مجازًا. قال المطرزي والأزهري: هو الوطء حقيقة؛ ومنه قول الفرزدق: [البسيط]
إِذَا سَقَى اللهُ قَوْمًا صَوْبَ غَادِيَةٍ … فَلَا سَقَى اللهُ أَرْضَ الْكُوفَةِ المَطَرَا
التَّارِكِينَ عَلَى طُهْرٍ نِسَاءَهُمُو … وَالنَّاكِحِينَ بشِطَّيْ دِجْلَةَ البَقَرَا
وهو مجاز في العقد؛ لأن العقد فيه ضم، والنكاح هو الضم حقيقة؛ قال الشاعر: [الطويل]
ضَمَمْتُ إلَى صَدْرِي مُعَطَّرَ صَدرِهَا … كَمَا نَكحَتْ أمُّ الْغُلامِ صَبِيَّهَا =

<<  <  ج: ص:  >  >>