(٢) الدليل لغة يقال للمرشد، وهو الناصب والذاكر، ولما به الإرشاد، وبهذا صرح به في "الإحكام"، ولا يبعد أن يجعل للمرشد، وهو للمعاني الثلاثة، فإنه ما به الإرشاد، يقال له المرشد مجازًا. فيقال: الدليل على الصانع هو الصانع أو العالم، واصطلاحًا. أما عند الأصوليين فما يمكن التوصّل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبريّ وذكر الإمكان؛ لأن الدليل لا يخرج عن كونه دليلًا لعدم النظر فيه، وقيّد النظر بالصحيح؛ لأن الفاسد لا يتوصل به إليه، وإن كان قد يفضي إليه اتفاقًا، وهذا يتناول الأمارة. أي الظني منه، وربما قيل: إلى العلم بمطلوب خبري فلا يتناولها، وأمّا عد المنطقين فقولان فصاعدًا، وهذا يتناول الأمارة؛ لأنه يجمع القياس البرهاني والظني والشعري والسفسطي، وربما قيل: يدل "كونه يستلزم لذاته قولًا آخر" فيخرج الأمارة؛ إذ يختص بالبرهاني منه، فإن غيره لا يستلزم لذاته شيئًا؛ فإنه لا علاقة بين الظن وبين شيء لانتفائه مع بقاء سببه، وفيه بحث مذكور في الكلام. واعلم أن الحاصل من الدليل عندنا على إثبات الصانع هو العالم، وعندهم أن العالم حادث، وكل حادث فله صانع. ينظر شرح مقدمة ابن الحاجب (٧) خ. (٣) وأريد من النظر فيه ما يتناول النظر فيه نفسه، وفي صفاته وأحواله، فيشمل المقدمات التي هي بحيث إذا رتبت أدت إلى المطلوب الخبري، والمفرد الذي من شأنه إذا نظر في أحواله أوصل إليه كالعالم، وحيث أريد بالإمكان المعنى العام الجامع للفعل والوجوب، اندرج في الحدّ المقدمات المرتبة وحدها، وأما إذا أخذت مع الترتيب فيستحيل النظر فيها، وقيد النظر بالصحيح، وهو المشتمل على شرائطه مادةً وصورةً؛ لأن الفاسد لا يمكن أن يتوصل به إلى المطلوب خبري؛ إذ ليس هو في نفسه سببًا للتوصل ولا آلة له، وإن كان قد يفضي إليه فذلك إفضاء اتفاقي ليس من حيث إنه وسيلة له. ينظر حاشية التفتازاني على العضد ١/ ٤١.