وَأَقْرَبُهَا قَوْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ: كَلَامٌ يُفِيدُ بِنَفْسِهِ نِسْبَةً.
قَالَ: "بِنَفْسِهِ" لَيَخْرُجَ نَحْوُ: "قَائِمٌ"؛ لأَنَّ الْكَلِمَةَ عِنْدَهُ: كَلَامٌ وَهِيَ تُفِيدُ نِسْبَةً مَعَ الْمَوْضُوعِ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ بَابُ "قُمْ" وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ كَلَامٌ يُفِيدُ بِنَفْسِهِ نِسْبَةً؛ إِمَّا لِأَنَّ الْقِيَامَ مَنْسُوبٌ؛ وَإِمَّا لِأَنَّ الطَّلَبَ مَنْسُوبٌ.
وَالْأَوْلَى الْكَلَامُ الْمَحْكُومُ فِيهِ بِنِسْبَةٍ خَارِجِيَّةٍ، وَنَعْنِي: الْخَارِجَ ............
"فائدة"
إطلاق المصنّف هنا لفظ القاضي على عبد الجَبَّار أراه وقع سهوًا، فإن أصحابنا الأصوليين لا يطلقون هذه اللفظة إلا على ابن البَاقِلَّاني، وإنما يطلقها على عبد الجَبَّار المعتزلة، وقد عطف عليه المعتزلة، فأوهم أنه ابن البَاقِلَّاني من وجهين. عادة الأشاعرة، واقتضاء العطف المغايرة.
"فائدة أخرى"
الشرح: قد عرفت أنه لا يردّ على تعريف عبد الجَبَّار إلا الدور، "و" ذكرت تعاريف أخر للخبر "أقربها" إلى الصَّواب عند المصنّف "قول أبي الحسين: كلام يفيد بنفسه نسبة".
"قال بنفسه، ليخرج نحو قائم"، فإنه كلام عنده؛ "لأنَّ الكلمة عنده كلام"، فإنه عرف الكلام بالمنتظم من الحروف المتميّزة المتواضع عليها، وذلك يشمل الكلمة وغيرها.
"ويرد عليه باب "قم" ونحوه" من أقسام الطلب، "فإنه كلام" بلا خلاف، و"يفيد بنفسه" من غير ضَمِيمَةٍ؛ لكونه جملة "نسبة" ما بأحد اعتبارين:
"إما لأن القيام منسوب" إلى المخاطب؛ لأنه المطلوب منه، فيكون هو المنسوب إليه، لا مطلق القيام.
"وإما لأن الطَّلب منسوب" إلى القائل؛ لأنه يدلّ على طلب مَنْسوب إليه دون مُطْلق الطَّلب، ولأبي الحسين أن يقول: أردت نسبة علم وقوعها منه، وبنفسه - أي: يكون هو مدلوله الذي وضع له، لا أن يكون لازمًا عقلًا - وقد صرَّح بالثَّاني في "المعتمد"، فخرج نحو "قم" إما باعتبار نسبة القيام إلى زيد؛ فلأنه لم يعلم وقوعها منه.
وإما باعتبار نسبة الطلب إلى القائل؛ فلأنه عقلي ومراده الطلب.
الشرح: "والأولى" - عند المصنّف - في تحديده أن يقال: "الكلام المحكوم فيه بنسبة خارجية" مطابقة للواقع، أو غير مطابقة، ليشمل الصَّادق والكاذب.