للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُكْرُ الْمُنْعِمِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَقْلًا؛ ................................

وقال إلكيا الهراسي: بل هي نفس مسألة الحسن والقبح؛ إذ المراد بالشكر عندنا - امتثال الأوامر واجتناب النَّواهي (١).

وعندهم ارتكاب المستحسنات، واجتناب المستقبحات قال: ولكنا أفردناها بالذّكر على عادة المتقدمين.

قلت: وحينئذٍ فلا يحسن استعمال لَفْظ: الفرع فيها، ولا لفظ: التنزل (٢)، وقد عدل المصنّف عن الأول فقال: مسألتان، ولم يقل: فرعان، ووقع في الثاني.

المسألة "الأولى: [شكر] (٣) المنعم ليس بواجب عقلًا" خلافًا للمعتزلة، وبعض أصحابنا كالصيرفي، وأبي العباس بن سُرَيجٍ (٤) والقفال الكبير، وابن أبي هريرة، والقاضي أبي حامد، وغيرهم.

وقد اعتذر القاضي في "التقريب"، والأستاذ أبو إسحاق في "أصوله" والشيخ أبو محمد


= والبصر وسائر الجوارح، وكذا التمكن والاقتدار على الكسب والمال إلى ما خلق لأجله وأعطاه لأجله؛ كصرفه النظر إلى مصنوعاته، والسمع إلى تلقي الإنذارات، والذهن إلى فهم معانيها، والحال إلى أسباب البقاء مدة العمر، وعلى هذا القياس، فهذا معنى الشكر حيث جاء في كتابه الكريم، ولهذا وصف الشاكرين بالقلة، والمنعم المشكور هو الله المنعم، والواجب ما يذم تاركه.
ومحل الخلاف أن أصحابنا وأهل السنة يذهبون إلى أن وجوب هذا الشكر مأخوذ من الأنبياء بناء على وجوب متابعتهم بعد ثبوت نبوتهم، ولا يقوم عليه برهان عقلي، والمعتزلة يذهبون إلى أن عليه برهانًا عقليًا حتى إن النبي لو نبهنا على هذه المسألة وهدانا إلى مقدماتها قبل الاعتراف بنبوته أو تنبهنا لها لحكم العقل بوجوبه بناء على البرهان العقلي. ينظر: البحر المحيط للزركشي ١/ ١٤٩، والبرهان لإمام الحرمين ١/ ٩٤، وسلاسل الذهب للزركشي ٩٩، والإحكام من أصول الأحكام للآمدي ١/ ٨٣، ونهاية السول للإسنوي ١/ ٢٦٣، ومنهاج العقول للبدخشي ١/ ١٥٧، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ٧، والتحصيل من المحصول للأرموي ١/ ١٨٤، والمنخول للغزالي ١٤، والمستصفى له ١/ ٦١، وحاشية البناني ١/ ٦٠، والإبهاج لابن السبكي ١/ ١٣٩، والآيات البينات لابن قاسم العبادي ١/ ٩٧، وحاشية العطار على جمع الجوامع ١/ ٨٥، وتيشر التحرير لأمير بادشاه ٢/ ١٦٥، وحاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى ١/ ٢١٦. الكوكب المنير للفتوحي ٩٨.
(١) ينظر المصادر السابقة.
(٢) في ت، ح: التبرك.
(٣) سقط في ح.
(٤) في ج، ح: شريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>