والأصح: إِيجاب تيمم واحد، لا خمس تيمُّمات؛ لأن الأربع - من حيث إِنها لم ترد لنفسها - منحطةٌ عن مراتب الفرائض.
وإِذا قال: إِحداكما طالق، حِيلَ بينه وبينهما إِلى أن يعيِّن، خلافًا لأبي علي بن أبي هريرة.
وفي الزائد على ما ينطلق عليه الاسم من المَسْح، وقدر قيمة الشَّاة من البعير المخرج عن الشَّاة الواجبة في الزَّكاة، ومن البَدَنَة الَّتي يذبحها المتمتع بدلًا عن الشَّاة، وحلق جميع الرأس، وتطويل أركان الصَّلاة زيادة على ما يجوز الاقتصار عليه، والبَدَنة المضحى بها بدلًا عن الشَّاة المقدورة، هل يوصف بالوجوب؟
خلاف، رجَّح الإِمامُ الرازي أنه لا يوصف.
وهل يختصّ الخلاف في مَسْحِ الرأس (١) مثلًا، بما إِذا وقع دفعة واحدة، أم
(١) قبل الحديث عن المسألة أبين أن الفقهاء قاطبة اتفقوا على استحباب مسح جميع الرأس، وعلة ذلك كما صرح بذلك الإِمام النووي: بأنه طريق إِلى استيعاب الرأس ووصول الماء إِلى جميع الشعر. وأصل الاختلاف في هذا الاشتراك الذي في الباء في كلام العرب، وذلك أنها مرة تكون زائدة مثل قوله تعالى: ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ على قراءة من قرأ: تنبت بضم التاء وكسر الباء من أنبت، ومرة تدلّ على التبعيض مثل قول القائل: أخذت بثوبه وبعضده، ولا معنى لإِنكار هذا في كلام العرب؛ أعني كون الباء مبعضة، وهو قول الكوفيين من النحويين، فمن رآها زائدة أوجب مسح الرأس كله، ومعنى الزائدة ههنا كونها مؤكدة، ومن رآها مبعضة أوجب مسح بعضه. وإِن سلمنا أن الباء زائدة بقي ههنا أيضًا احتمال آخر وهو. هل الواجب الأخذ بأوائل الأسماء أو بأواخرها؟ وعلى ضوء هذا اختلف أهل العلم في القدر المفروض من المسح، فذهب مالك وأهل العترة والمزني والجبائي وإِحدى الروايتين عن أحمد إِلى أن مسح جميع الرأس فرض. وقال الشَّافعي ﵁ والطبري صاحب التفسير - كما نبه على ذلك ابن سيد الناس في شرح جامع الترمذي -: يجب أن يمسح قدر ما ينطلق عليه اسم المسح وإِن قل. وقال أبو حنيفة ﵀: يجب مسح ربع الرأس، وقال الأوزاعي وسفيان الثوري والليث بن سعد: يجزئ مسح بعض الرأس ويمسح المقدم، وهو قول الإِمام أحمد. والظاهرية تنوعت آراؤهم في هذا، فذهبت بعضهم إِلى وجوب الاستيعاب، وبعضهم قال باكتفاء البعض. =