للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولك أن تقول: ولفظ "الرفع" أيضًا يدفعه.

وأيضًا: فقولنا: "الدَّالّ" يتضمّن كونه مؤخرًا عنه، والاستثناء والغاية والشرط لا يرفع، وإنما يدفع، فلم جعلتم التأخر قيدًا في تعريفكم مع أن لفظ التراخي أجود منه؛ لأنّ الاستثناء متأخر، وكذا الغاية، والشرط المتأخر مخرجًا لها بخلاف التراخي؛ لأنه يفهم إخراج ما لا يعقب اللفظ؟

"[وقالت] (١) الفقهاء: النص الدَّال على انتهاء أمَدِ الحكم الشرعي مع التأخر عن مورده (٢)، وأورد" عليهم "الثلاثة" الواردة على الحدّين السَّابقين (٣).

"وأيضًا فإن فرُّوا من الرفع لكون الحكم قديمًا والتعلّق قديمًا، فانتهاء أمد الوجوب


(١) في ب: قال.
(٢) ومعنى ذلك أن الحكم له غاية ينتهي بانتهائها، لكن لما لم تكن تلك الغاية مبنبة بالنص الدال على الحكم الأول جاء النص الثاني متأخرًا عن ورود الحكم الأول وبين تلك الغاية، فقولهم في التعريف: "مع التأخير عن مورده" احتراز عن البيان المتصل بالحكم الأول، سواء كان مستقلًا كـ"لا تقتلوا أهل الذمة" عقب: "اقتلوا المشركين" متصلًا، أو غير مستقل، كالاستثناء، والغاية، والشرط، والوصف.
(٣) وهو أن النص دليل النسخ لا نفسه، وأن التعريف غير مطرد، لدخول قول العدل فيه، وليس بنسخ. وغير منعكس، لخروج ما هو نسخ عنه، إذ قد يكون النسخ بفعله . ويجاب عن الأول بما أجبنا به سابقًا؛ وعن الثاني بأن قول الراوي: "نسخ حكم كذا" ليس بنص، فلا بأس بخروجه، وعن الثالث بأنا لا نسلم خروج فعله من التعريف بل هو داخل من حيث إنه أفاد حكمًا نصا فيه؛ فإنه يوصف بما توصف به الألفاظ من الظاهر والمجمل.
ثم إن من تأمل في كتب الأصول يجد أن الفقهاء لجئوا إلى هذا التعريف فرارًا من الرفع؛ وذلك لأن الحكم قديم، والتعلق قديم، فلا يتصور رفع شيء منهما، وفساد هذا ظاهر؛ فإن انتهاء أمد الوجوب لا يتصور مع دوام الوجوب، وعدم دوامه، هو رفعه، فقد قالوا بالرفع معنى، وأنكروه لفظًا. أو بعبارة أخرى أن الرفع لازم الانتهاء؛ فإن الحكم إذا انتهى ارتفع. وإذا كان القديم لا يرتفع فكذا لا ينتهي. وإذا كان المراد انتهاء تعلقه فكذا المراد برفعه رفع تعلقه، فلا معنى لفرارهم من الرفع إلى الانتهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>