للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [سورة الأنعام: الآية ٨٢] هو الشِّرْك، فهم بعْضُ الصَّحَابَةِ مِنْهُ العُمُومَ حَتَّى قالوا: أَيُّنا لم يَظْلِمْ، فقال لهم ﷺ: "لَيْسَ بِذاكَ، إنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ" (١).

ومن ذلك أيْضًا أن الله ﷿ أَمَرَ أَنْ يَرِثَ الأَوْلادُ الآباء أو الأمهاتِ، عَلَى نحو ما بيَّن بقوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن﴾ [سورة النساء: الآية ١١] فكان هذا الحكمُ عامًّا في كُل أصْلٍ مورِّثٍ، وكل ولدٍ وارثٍ، فقصرت السُّنَّة الأصْل على غير الأنبياء.

وقَصَرَتِ الوَلَدَ الوَارِثَ على غير القَاتِل بِقَوْله ﷺ: "القَاتِلُ لا يَرِثُ" (٢) وكذلك اختلافُ الدِّينِ فهو مانع من مَوَانِعِ الإرْثِ كما بيَّنَتِ السُّنَّة.

وقال تعالَى في المَرْأَةِ يُطلِّقها زوْجُها ثلاثًا: ﴿فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٣] وَاحْتَمَل ذلك أن يكون المُرادُ به عَقْد النكاح وحده، واحتمل أن يكون المرادُ الإصَابَة معًا، فبيَّنَت السُّنَّة أن المُرادَ به الإصَابة بعد العَقْد.

رَابِعًا:

توضيح المُشْكَلِ كَالْحَدِيثِ الَّذِي بَيْن المُرادَ من الخَيْطَيْنِ في قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [سورة البقرة: الآية ١٨٧] فَهِمَ منه بعض أصحاب النبي ﷺ العِقَالَ الأبيض والعِقَال الأسود، فقال النبي ﷺ: "هُمَا بَياضُ النَّهَار".

وأغلب ما في السُّنَّةِ من هذا النوع، ولهذه الغَلَبَةِ وصفت بأنها مُبيِّنةٌ للكتاب.

خَامِسًا:

أن تكون دالَّةً على حُكْمٍ سكت عنه القرآن، ومن أمثلة ذلك النوع:

قوله ﷺ: "هو الطهُورُ مَاؤُهُ الحِلّ ميتته".

وقوله ﷺ في الجَنِينِ الخارج من بَطْنِ أمه المُذَكَّاةِ: "ذَكَاةُ الجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ".

والأحاديث الواردة في تَحْرِيمِ ربا الفَضْلِ.


(١) أخرجه البخاري ١/ ١٠٩، في الإيمان، باب ظلم دون ظلم ٣٢.
(٢) أخرجه الترمذي وغيره من رواية أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>