بالنِّسْبَة إلَى مَعْناها الفقهيِّ على ما يرادف المَنْدُوبَ والمُسْتَحَبَّ والتَطَوُّع والنافِلَة والمرغَّب فيه.
قالوا: هي الفِعْلُ الَّذِي طلَبَه الشَّارع طلبًا غيْرَ جازِمٍ، أو ما يُثَابُ الإنْسَانُ على فِعْلِها، ولا يعاقَبُ على تَرْكها.
وعِنْد علماءِ الحَدِيث (١): تُطْلَقُ على أقوالِ النبيِّ ﷺ وأفعالِهِ وتَقْريرَاتِهِ وصفاتِهِ الخَلْقيَّة والخُلُقيَّة وسِيَرِه ومَغَازِيه وأخبارِهِ قَبْل البَعْثة - فالسُّنَّة بهذا المعنَّى تُرادِفُ الحديثَ الشريفَ.
حُجَّيَّتُهَا وَوُجُوبُ اتِّبَاعِهَا وَالتَّحْذِيرُ مِنْ مُخَالَفَتِهَا:
لقد أَوْحَى الله ﷾ لنبيِّه القُرْآن ومِثْلَهُ معه، فَأوْحَى له السُّنَّة النبويَّة، وهي أصلٌ من أصُولِ الدِّين، وركْنٌ في بنائه القويم، فيجبُ اتِّباعها، ويحْرُم مخالَفَتُها، وعلى ذلك أجمعَ المُسْلِمُون، وتضافرَتِ الآيَاتُ على وَجْهٍ لا يدَعُ مجالًا للشكِّ، فمن أنكر ذلك، فقد نَابَذَ الأدلَّة القطعيَّة، واتَّبَع غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمنين، وهِيَ بذلك تُعْتَبر المَصْدَرَ الثَّانِي للتَّشْرِيع.
فمن الآياتِ في ذلك قولُهُ تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ﴾ [سورة الحشر: الآية ٧].
وقولُه تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [سورة النساء: الآية ٨٠].
وقولُه تعالى ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٢١].
وقولُه تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [سورة آل عمران: الآية ٣١].
وقولُه تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [سورة الاء: الآية ٦٥].
وقولُه تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [سورة النور: الآية ٦٣].
وقولُه تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينً﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٣٣].
(١) الحديث والمحدثون لأبي زهو ٨ وما بعدها.