للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياته على قصرها كانت ملأى بالإِنتاج العلمي الذي جعله من الأئمة باعتراف معاصريه ومن جاءوا بعده. فابن حجر العساقلاني المتوفى سنة ٨٥٢ هـ يقول فيه: "في دمشق ظهرت مؤلفات السبكي وهي كثيرة، وقد انتشرت تصانيفه في حياته، ورزق فيها السعد" (١).

ونقل الحافظ عن شهاب الدين بن حجي قوله: "وقد صنف تصانيف كثيرة جدًّا على صغر سنه قرئت عليه، وانتشرت في حياته وبعد موته" (٢).

وقال السيوطي المتوفى سنة ٩١١ هـ: "وصنف كتبًا نفيسة، وانتشرت في حياته، وألف وهو في حدود العشرين" (٣).

وقال الشوكاني المتوفى سنة ١٢٥٠ هـ: "ورزق السعادة في تصانيفه، فانتشرت في حياته" (٤). على أن التاج قد خاض في علوم كثيرة، فكانت له فيها مصنفات، ولذلك نجد وصفه عند كثير منهم: بـ "المؤرخ الباحث، والفقيه الأصولي، والأديب" وغير ذلك.

بل إِن السيوطي ويورد نصًا عن التاج، ويقره عليه قال: " … كتب مرة ورقة إِلى نائب الشام يقول فيها: وأنا اليوم مجتهد الدنيا على الإِطلاق، لا يقدر أحد يرد عليّ هذه الكلمة".

وعقب السيوطي بقوله: وهو مقبول فيما قال عن نفسه (٥). وسنتكلم الآن عن العلوم الَّتي برّز فيها التاج ومصنفاته فيها:

[١ - تاج الدين السبكي وعلم الحديث]

قد بدأنا الحديث بالكلام عن السبكي وعلم الحديث نظرًا لشرف هذا العلم، والذي يختص بالمصدر الثَّاني للتشريع الإِسلامي، وهو سنة النبيّ ، وتاج الدين قد عنى بهذا العلم العظيم، يتضح ذلك من اهتمامه الشديد بالإِسناد، وتتبعه البالغ لمصادر الحديث، ثم إِلمامه بطبقات الحفاظ ومواضع الصحة والضعف في مروياته، ثم عنايته بعلم الجرح والتعديل حتى صنف فيه. وكل هذه المباحث قد أودعها ثنايا كتابه: "طبقات الشَّافعية


(١) الدرر الكامنة ٢/ ٤٢٦.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) حسن المحاضرة ١/ ٣٢٨.
(٤) البدر الطالع ١/ ٤١٠.
(٥) حسن المحاضرة ١/ ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>