للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ:

الْجُمْهُورُ: جَوَازُ النَّسْخِ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ.

لَنَا: أَنَّ مَصْلَحَةَ الْمُكَلَّفِ قَدْ تَكُونُ فِي ذلِكَ؛ وَأَيْضًا؛ فَإِنَّهُ وَقَعَ كنَسْخِ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْفِطْرِ، وَتَحْرِيمِ ادِّخَارِ لُحُومِ الأَضَاحِي.

قَالُوا: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [سورة البقرة: الآية ١٠٦].

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الخِلافَ فِي الْحُكْمِ لا فِي اللَّفْظِ. سَلَّمْنَا لكِنْ خُصِّصَ. سَلَّمْنَا، وَيَكُونُ نَسْخُهُ بِغَيْرِ بَدَلٍ خَيْرًا لِمَصْلَحَةٍ عُلِمَتْ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ، فَمِنْ أَيْنَ لَمْ يَجُزْ؟!.

أكانت ظاهرة أم نصًّا بشرط النَّسخ، وشرط الشيء لا ينافيه.

"قالوا: معنى التأبيد الدَّوام، والنسخ يقطعه، فهو إذن "متناقض"، فلم يَجُزْ على الله تعالى.

"قلنا": لا نسلّم التناقض؛ إذ "لا منافاة بين إيجاب" فعل مقيد بالأبد، وعدم أبدية [التكليف] (١) به، وذلك كما لا مُنَافاة بين إيجاب "صوم" مقيد بزمان مثل: صوموا "غدًا، وانقطاع التكليف قبله" كما يقال: صم غدًا ثم ينسخ قبله، وهو "كالموت"؛ إذ قد يتعلّق التكليف بصوم غد، ثم يموت قبله، فلا يوجد في غد التكليف.

والحاصل: أن كلّ تكليف وإن قيد بضروب التأكيد وألفاظ التأبيد فمعناه: ما لم ينسخ، كما أن معناه ما لم يعجز المكلّف بمرض أو موت ونحوهما.

«مسألة»

الشرح: قال "الجمهور: جواز النَّسْخ من غير بدل" (٢) حقّ.


(١) في أ، ت: التكلف.
(٢) اختلف الأصوليون: هل يجوز نسخ الحكم بلا بدل أم لا؟ ذهب الجمهور إلى الجواز، وخالف في ذلك بعض الظاهرية والمعتزلة محتجين بأنه تعالى قال في كتابه المبين: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ ولا يتصور كونه خيرًا أو مثلًا إلا في بدل أو نقول: وجه الاستدلال أنه أخبر أنه لا ينسخ إلا ببدل، والخلف في خبر الصادق محال، وقال ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>