للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَالَةُ السِّيَاسِيَّةُ فِي عَصْرِ سَلاطِينِ المَمَالِيكِ:

تَحْكِي كُتُبُ التَّاريخِ أن سلطان المَماليك قَامَ عَلَى أنقاضِ دَوْلَة بَنِي أيُّوبَ فِي مصْرَ المحْرُوسَةِ، وذلك عقِبَ مقتَلِ السُّلطانِ توران شاه ابن أيوبَ بْنِ محمد بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ أيُّوبَ، المَلِكِ المعظَّمِ، سَيْفِ الدِّينِ، أَبِي الفَتْحِ بْنِ الصَّالحِ بْنِ الكَامِلْ بْنِ العَادِلِ.

وكان السلطانُ توران شاه قدْ تسلْطَن بـ "دِمَشْق" في يوم السَّبت، مستهلَّ شوال سنة سَبْع وأربعين وستمائة، وجلَس على تخْتِ المُلْكِ بَعْد قدومِهِ - بـ "الْمَنْصُورةِ" قريب ثغر دمياط - لتِسْعٍ بَقينَ مِنْ ذِي القِعْدَةِ من السنة المذكورة.

وماتَ قتيلًا في يَوْم الجُمُعة سادِسَ محرَّمٍ سنة ثمانٍ وأربعين وستمائة (١). وبموته انْقَضَتِ الدولةُ الأيُّوبية الكُرْدِيَّةُ.

وأيًّا ما يكونُ سبَبُ قتْلهِ، فإنَّ المصادر التاريخيَّة تحْكِي أن أمراء المماليك أجْمَعوا على تولية شَجَرةِ الدُّرِّ أرملة نَجْمِ الدِّينِ أيُّوبَ والدِ توران شاه - مقاليد السَّلْطَنة.

ولَمْ تَطُلْ مدَّةُ "شجرة الدُّرِّ" في السلْطنة، فإنَّها خلَعَتْ نفْسَها - بعد ظهور كراهية النَّاس، لأنْ تتولَّاهم امرأةٌ -، فكانتْ مدَّتُها ثمانين يومًا.

ثمَّ اعتلى عرش السَّلْطنة بعدها أيبكُ التركمانيّ، الصالحيُّ التركيّ، المَلِكُ المعزُّ: عزُّ الدِّينِ أبُو العزَّ - صاحبُ المعزِّيَّة (٢) بـ "مِصْرَ".

وكان أيبكُ أوَّل ذَكَرٍ تَسَلْطَنَ بـ "مِصْرَ" ممَّن مسَّه الرقّ، وهو مملوكُ الملِكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّينِ أيُّوبَ.

وقد نزلتْ له شجرةُ الدِّرِّ عن المُلْك، وتزوَّج بها، ومات قتيلًا بيَدِها مع جواريها في لَيْلَة الأربعاءِ، رابعَ عشَرَ ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وستمائة (٣)، وكانت مدَّتُه سبْع


(١) المقريزي ١/ ٣٥٩، وابن خلكان: وفيات الأعيان ٥/ ٨٩، وفوات الوفيات ١/ ١٨٧، والصفدي: الوافي بالوفيات ١٠/ ٤٤٦.
(٢) المدرسة المعزية: عمرها "عز الدين أيبك" - برحبة الحناء بمدينة مصر مما هدمه من قلعة الروضة.
ينظر: المقريزي: الخطط ٢/ ١٨٤.
(٣) ابن شاهين الملطي: نزهة الأساطين ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>