للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: يَسْتَحِيلُ ثُبُوتُهُ عَنْهُمْ عَادَةً، لِخَفَاءٍ بَعْضِهِم، أَوِ انْقِطَاعِهِ، أَوْ ...........

وأما الثَّاني: فإنه "قد يكون الظَّني جليًّا"، فلا تختلف فيه القرائح.

وهذا من المصنّف يقتضي تسليم أنه لا يكون إجماع عن خَفِيّ.

والحقُّ أنه قد يكون، واختلاف القرائح فيه، وإن سلمت فإنما هي في الطريق إليه فقط. الشرح: "قالوا" ثالثًا: "يستحيل ثبوته عنهم" - أي: عن المجتهدين - "عادة"؛ إما "لخفاء بعضهم" بحيث لا يعرف وجوده، "أو انقطاعه" وعُزْلته بحيث يفقد أثره، "أو أسره" بحيث يخفى حاله، "أو خموله" بحيث [يجهل] (١) كونه من المجتهدين، "أو كذبه" في فتواه لداعٍ دعاه إلى ذلك، "أو رجوعه" عن الفُتيا (٢) "قبل قول الآخر"، فلا يحصلُ الاتفاقُ.


(١) سقط في ت.
(٢) قال الراغب: الفتيا والفتوى. الجواب عما يشكل من الأحكام. ويقال: استفتيته فأفتاني بكذا. قال تعالى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ وقال: "فاستفتهم" و"أفتوني في رؤياي" وفي النهاية: يقال: أفتاه في المسألة يفتيه إذا أجابه. والاسم الفتوى. وفي الحديث: أن أربعة تفاتوا إليه أي تحاكموا من الفتوى. ومنه الحديث: "الإثم ما حاك في صدرك وإن أفتاك الناس عنه وأفتوك" أي وإن جعلوا لك فيه رخصة وجوازًا.
وفي المصباح: الفتوى. بالواو. بفتح الفاء وبالياء. فتضم اسم من أفتى العالم إذا بين الحكم ويقال: أصله من الفتى، وهو الشاب القوي، والجمع الفتاوي بكسر الواو على الأصل. وقيل: يجوز الفتح للتخفيف. ويفهم منه أن الفتوى بالواو ليس فيها إلا الفتح، لكن خالفه صاحب القاموس، فجوز الفتح والضم فيها، وقد ناقشه شارحه الفاسي، فقال: المصرح به في أمهات اللغة وسائر مصنفات الصرف أن الفتيا بالياء ليس فيها إلا الضم أو الفتوى بالواو ليس فيها إلا الفتح. وفي أساس البلاغة: وفلان من أهل الفتيا والفتوى. وتعالوا ففاتونا، وتفاتوا إليه أي تحاكموا. قال الطرماح: [الوافر]
هَلُمَّ إلَى قُضَاةِ الغَوْثِ فَاسْأَلْ … بِرَهْطِكَ والبيَانُ لَدَى القُضَاةِ
أَنِخْ بِفِنَاءِ أشْدَقَ مِنْ عَدِيٍّ … وَمِنْ جرمٍ وَهُمْ أَهْلُ التَّفَاني
وقال عمر بن ربيعة: [الطويل]
فَبِتُّ أُفَاتِيَها فَلا هِيَ تَرْعَرِي … بِجُودٍ وَلا تُبْدِي إِباءً فتَبْخلا
يقع التمييز بين القضاء والإفتاء في الإلزام بالحكم وعدمه. فالقاضي إذا جلس للحكومة وأصدر حكمه كان به ملزمًا ولا مناص من تنفيذه؛ وذلك لأنه مقلد من السلطان ونائب عنه، فهو يستمد الولاية منه. وأما المفتي فإنه لا يلزم بفتواه، وإنما يخبر بها من استفتاه فحسب، فإن شاء قبل قوله وعمل به، وإن شاء تركه؛ لأنه نائب عن الشارع الذي أنار الطريق لمن يريد الهدى، ولم يأخذ الناس=

<<  <  ج: ص:  >  >>