(٢) اعلم أن المراد من قول النحاة: إن الحروف تستعمل بالمقهومية أن نحو "من وإلى" شرط الواضع في دلالتها على معناها الإفرادي ذكر متعلقها على معنى أن الواضع نص على أن "من وإلى" إذا ذكر متعلقها بما معهما كان معناهما الابتداء والانتهاء، وإذا لم يذكر معهما ما هو متعلقهما لم يكن لهما معنى أصلًا لا ابتداء ولا انتهاء ولا غيرهما، واحترز بقوله: الإفرادي عن الاسم والفعل؛ فإن كلا منهما في دلالته على المعاني التركيبية - أعني المعاني التي تكون لها حالة التركيب مشروطة بذكر متعلقه، فإن كون الاسم فاعلًا إنما هو باعتبار الفعل، وكون الفعل خبرًا إنما هو باعتبار المبتدأ، لكن لم يشترط في دلالتها على معانيها الإفرادية ذكر متعلقهما، وذلك لأن نحو الابتداء والانتهاء وكذا "ابتدأ وانتهى" يشترط في دلالتهما على معانيهما الإفرادية ذكر متعلقها. ولهذا يفهم معنى الابتداء والانتهاء وكذا معنى ابتدأ وانتهى بدون ذكر متعلقها بخلاف من وإلى، فإن معناهما لا يفهم من غير أن يذكر متعلقهما، فإن قيل: من إلى يفهم منهما الابتداء والانتهاء بدون ذكر متعلقهما؛ أجيب بأن الابتداء والانتهاء فهما منهما حالة اعتبار متعلقهما وإن لم يصرح به، وإنما مثل من الأسماء بالابتداء والانتهاء، ومن الأفعال بابتدأ وانتهى؛ ليعلم أنه إذا عبر عن الابتداء أو الانتهاء بمجرد لفظ من وإلى ولم يذكر متعلقهما لم يدلا عليهما، وإذا عبر عن الابتداء أو الانتهاء بالاسم والفعل فهما بدون ذكر متعلقهما. ذكره الأصبهاني شارح المختصر. (٣) في أ، ب، ت: دلالتها.