الشرح:"المُبَاح ليس بجنسِ للواجبِ"(١) - خلافًا لبعضهم - "بل هما نوعان للحكمِ" مندرجان تحته مع تباينهما.
(١) المباح ليس جنسًا للواجب، بل هما نوعان للحكم، يعني نوعين في مرتبة، وإلا لا يلزم من كونهما نوعين له ألا يكون أحدهما جنس الآخر، وهي بالحقيقة لفظية؛ لأن من ذهب إلى أن المباح هو ما خير بين فعله وتركه من غير ترجيح قال: إنه ليس جنسه، وإلا لاستلزم النوع وهو الواجب التخيير لاستلزام الخاص العام، وهو ينافي حقيقة الوجوب، ومن ذهب إلى أن المباح هو ما أذن فيه قال: إنه جنس للواجب لاشتراكهما بمرجوحية الترك والمكروه يرجحانه، والمصنف لما توهم أن هذا القائل يدعى أن المباح بالمعنى الأول جنسه لاشتراكهما في المأذونية واختصاص الواجب رد عليه بأنك تركت فصل المباح، وهو جواز أن الترك وهو متوجه عليه إن كان مدعاه ذلك، وكان يتوجه غليه أيضًا الترجيح من غير مرجح، وهو الحكم بكون المباح جنس الواجب دون العكس مع اشتراكهما في المأذونية، واختصاص كل بفصل، لكن ليس مدعاه هذا، بل المدعى أن المباح بالمعنى الثاني هو جنسه، وهو حق لا عرية فيه، وعلى هذا يكون النزاع لفظيًا، ويمكن أن يحمل الفصل في قوله: تركتم فصل المباح على القسم، حتى كأنه قال: تركتم قسم المباح أي بقيتموه عن البين، لامتناع وجود الجنس في الخارج دون الفصل، ويلزم حينئذ انتفاء أحد الأحكام الخمسة، وهو المباح كما لزم من مذهب الكعبي المستلزم لخرق الإجماع، وهذا الاحتمال وإن أمكن لكن المراد من الفصل الفصلُ المصطلح. ينظر: الشيرازي ١٣٥ أ/ خ، والبحر المحيط للزركشى ١/ ٢٧٥، والبرهان لإمام الحرمين ١/ ٣١٣، وسلاسل الذهب للزركشي ١٠٩، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١/ ١١٤، والتمهيد للإسنوي ٦١، ونهاية السول له ١/ ٨٠، وزوائد الأصول له ١٩٠، ومنهاج العقول للبدخشي ١/ ٦٥، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ١٠، والتحصيل من المحصول للأرموي ١/ ١٧٤، والمستصفى للغزالي ١/ ٧٥، وحاشية البناني ١/ ٨٣، والإبهاج لابن السبكي ١/ ٦٠، الآيات البينات لابن قاسم العبادي ١/ ١٣٨، وحاشية العطار على جمع الجوامع ١/ ١١٣، والمعتمد لأبي الحسين ١/ ٥، وتيسير التحرير لأمير بادشاه ٢/ ٢٢٥، وحاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى ١/ ٢٢٥، وشرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ٧/ ١٢٣، والموافقات للشاطبي ١/ ١٠٩، وميزان الأصول للسمرقندي ١/ ١٤٥ - ١٤٩، والكوكب المنير للفتوحي ١٣٠.