وندّعي العموم من حيث الأوصاف، وآيته صحّة الاستثناء؛ ألا تراك تقول: اعتق رقبة إلَّا أن تكون كافرة، فيصح.
فإن قالوا: دعوى العموم باطلة، في قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾؛ لأن قوله: رقبة اسم لرقبة واحدة؛ لأنها نكرة في الإثبات فتخصّ، ودعوى العموم في اسم الفرد محال.
قلنا: صحّة الاستثناء دليل قاطع على العموم، وقولهم: اسم فرد صحيح، ولكن لا يلزم منه عدم العموم، بل هو عام في الأوصاف، أو نقول: هو وإن كان اسم فرد في الصورة، لكنه اسم عام في المعنى، فالتَّخصيص صحيح لعمومه من حيث المعنى.
قال ابن السَّمْعاني: ونزيد هذا إيضاحًا فنقول: التخصيص على وجهين: تخصيص بإخراج بعض المُسَمَّيات من اللفظ مثل: ﴿اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾، فإن تخصيصه بإخراج بعض ما تناوله اللفظ.
وتخصيص هو إفراز ما يصلح له اللفظ عن البعض، وإن شئت قلت: تعيين بعض من يتناوله الاسم المبهم.
ونظيره: قول الرجل: رأيت زيدًا، هذا هو اسم مُبْهم لكلّ من يسمى زيدًا.
فإذا قلت: رأيت زيدًا العالم، فقد أفرزت بعض من يصلح له اللفظ عن البعض، أو عينت بعض ما يتناوله الاسم المبهم، وإذا ثبت العُمُوم سقط قولهم: إن تقييد الرَّقبة بالإيمان زيادة على النَّص، بل هو نقصان؛ لأن التخصيص نقصان لا زيادة، والتخصيص جائز بالقياس.
وما ذكروه من أن قياس كَفَّارة الظِّهَار على كفارة القتل قياس منصوص ليس بشيء، وقد تقرر بطلانه في الخلافيات.
ولقد هدمت الحنفية أصلهم بأيديهم فقالوا: يجزئ عِتْقُ الأَقْطَع، ولا يجزئ عتق الأَخْرس، والخَرَسُ وصف، فكان ينبغي ألَّا يفوت الاسم، ولا يمتنع الإجزاء، واليد نقصان في البينة، فكان ينبغي أن يفوت ويمنع.
وهنا فائدتان:
إحداهما: مَثَّلَ جماعةٌ حمل المطلق على المقيد باللفظ الوارد في التيمم، واللفظِ