وقال الغزالي في "الإِحياء" في شروط الاشتغال بعلم الخلاف: ألَّا يشتغل به وهو من فروض الكفايات من لم يتفرغ عن فروض الأعيان. قال: ومن عليه فرض عين فاشتغل بفرض الكفاية وزعم أن مقصوده الحق فهو كذاب، ومثاله: من ترك الصلاة في نفسه وتبحّرَ في تحصيل الثياب ونسجها قصدًا لستر العورات. اهـ. وبتقدير تسليمه فكان بعض مشايخنا يخصصه بمن سبق إِليه أوّلًا. أما من فعله ثانيًا فلا يكون في حقه أفضل من فرض العين؛ لأن السقوط حصل بالأول، وإِن كنا نسمي فعل الآخرين فرضًا على رأي. وقال الشيخ كمال الدين الزَّمَلْكَاني. ما ذكر من تفضيل فرض الكفاية على فرض العين محمول على ما إِذا تعارضا في حق شخص واحد، ولا يكون ذلك إِلا عند تعينها وحينئذ هما فرضا عين، وما يسقط الحرج عنه وعن غيره أولى، وأما إِذا لم يتعارضا وكان فرض العين متعلقًا بشخص، وفرض الكفاية له من يقوم به ففرض العين أولى. (١) في أ، ت، ج: شبه. (٢) المشهور وقوع سنة الكفاية، وخالف في ذلك الشاشي وقال في كتابه "المعتمد" في صلاة الجمعة ما نصه: لم نر في أصول الشَّرع سنة على الكفاية بحال، والسنن معلومة ويخالف الفرض حيث انقسم إِلى عين وكفاية، فإِن في الكفاية فائدة، وهي السقوط بفعل البعض على الباقين، والسنة لا يظهر لها أثر من كونها على الكفاية؛ لأنها لا إِثم في تركها فتسقط كمن ترك بفعل من فعل، وإِنما هي ثواب يحصل له بالسلام مثلًا، ولا يجوز أن يحصل له ثواب بفعل غيره من غير فعل يوجد من جهة تساويه؛ ألا ترى أنه إِذا دخل المسجد جماعة سن لهم تحية المسجد، ولا تسقط سنة التحية في حق بعضهم بفعل البعض؟ وهذا لأن فرض الكفاية موجه على الجماعة احتياطًا؛ ليحصل ذلك الفرض، فإِذا فعل بعضهم فقد حصل المقصود وسقط عن الباقين، والسنة إِنما أمر بها استحبابًا لحظ المأمور من تحصيل الثواب له، فلا يحصل له ثواب بما لا كسب له فيه. ينظر: البحر المحيط ١/ ٢٩١ - ٢٩٢. (٣) في ب: السادس. (٤) في ج: الشعائر.