للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كذا قرره القاضي عضد الدِّين الإِيجي، وهو حسن، وجعله بعضهم جواب سؤال مقدر تقريره: لو كانت "إِنما" للحصر؛ لما صحّ عمل بغير نِيَّة، ولا ثبت ولاء لغير المعتق للمحدثين، والتالي باطل؛ إِذ بعض الأعمال صحيح بغير نيّة، والولاء قد ثبت لوارث المعتق، وهو من تلقى (١) عن المعتق.

وجوابه: أنّ ذلك لغير هذا الحديث، ولكن ظاهر الحديث أن الولاء لا يكون لغير المعتق، وأن العمل لا يكون بغير نيّة مطلقًا.

وقد يجاب بالمنع فيقال: لا نسلم ثبوت عمل بغير نِيَّة، وما يذكر من عمل لا نية فيه، ليس المنتفى عنه إِلا النّية المقارنة لا مطلق النّية كما يحقق ذلك الفقيه، فيقول في قراءة القرآن مثلًا: لا يشترط فيها نيّة مقارنة؛ لتميزها بنفسها.

وأما أصل القصد فلا بد منه، وألَّا يكون [غافلًا] (٢)، ولا نسلّم ولاء لغير المعتق، ووارثه يتلقى عنه، ويدعى أنه يثبت للمعتق ابتداء، ثم ينتقل عنه إِلى ورثته، ولا بدع في هذا، وإن كان المعتق [ميتًا] (٣).

كما قلنا في الدِّيَةِ على أحد القولين: إِنها تثبت للمقتول، ثم تنتقل إِلى الورثة. وليس لك دفع هذا بأنها على القول بثبوتها للمقتول تثبت في آخر جزء من حياته، فإِنه ما دامت فيه حياة مستقرة لا دية واجبة.

"تنبيه"

"ما" في "إِنما" ليست نافية، بل زائدة كافّة موطّئة لدخول الفعل.

وزعم جمع من الأصوليين والبيانيين أنها نافية، وأن ذلك سبب إِفادة "إِنما" للحصر.

قالوا: لأن "إِن" للإِثبات "وما" للنفي، فلا يجوز توجيههما معًا إِلى شيء واحد؛ لئلا يتناقض.

ولا أن يقال: "إِن" تقتضى ثبوت غير المذكور، و"ما" تنفى المذكور؛ لأنه خلاف


(١) في أ، ت: يكفي.
(٢) في أ، ت، ج: عاقلًا.
(٣) في أ، ت، ج: بنتا.

<<  <  ج: ص:  >  >>