للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْألَةٌ:

المخْتَارُ: أنَّ الْقِيَاسَ الْمَظْنُونَ لا يَكُونُ نَاسِخًا وَلا مَنْسُوخًا. أَمّا الأوَّلُ؛ فلأنَّ مَا قَبْلَهُ إِنْ كَانَ قَطْعِيًّا لَمْ يُنْسَخْ بِالْمَظْنُونِ، وَإنْ كَانَ ظَنِّيًّا تَبَيَّنَ زَوَالُ شَرْطِ الْعَمَلِ بِهِ، وَهُوَ رُجْحَانُهُ؛ لأَنَّهُ ثَبَتَ مُقَيَّدًا كَانَ الْمُصِيبُ وَاحِدًا أَوْ لا.

«مسألة»

الشرح: في كون القياس ناسخًا ومنسوخًا (١).

أما كونه ناسخًا فقيل: يجوز مطلقًا.

وقيل: إن كان جليًّا، وعليه الأنماطي (٢).


(١) اعلم أن القياس المقطوع به هو ما يكون حكم أصله والعلة ووجودها في الفرع قطعيًّا، والمظنون ما لا يكون كذلك، بل يكون بعضها قطعيًّا والبافي ظنيًّا أو لا يكون واحد منهما قطعيًّا، والمختار عند المصنف أن القياس المظنون لا يكون ناسخًا ولا منسوخًا، أما الأول وهو أن القياس المظنون لا يكون ناسخًا؛ فلأن ما قبله، أي ما قبل القياس المظنون، وهو الذي ينسخ بالقياس المظنون، إن كان قطعيًّا لا يكون القياس المظنون ناسخًا؛ لأن المقطوع لا ينسخ بالمظنون وإن كان ما قبل القياس المظنون ظنيًّا تبين بالقياس المظنون زوال شرط العمل به وهو رجحانه؛ لأن العمل بالمظنون الذي هو قبل القياس المظنون مقيد برجحانه على معارضه، سواء كان المصيب واحدًا أو لا، وإذا زال شرط العمل به لم يكن ثابتًا، وإذا لم يكن ثابتًا لا يكون منسوخًا بالقياس المظنون؛ لأن النسخ بعد الثبوت، وأما الثاني وهو أن القياس المظنون لا يكون منسوخًا، فلأن ما بعد القياس المظنون قطعيًّا أو ظنيًّا تبين زوال شرط العمل بالقياس المظنون وهو رجحانه كما بينا في الأول، وإذا زال شرط العمل به لا يكون منسوخًا. وأما القياس المقطوع فينسخ بدليل مقطوع في حياة الرسول لأن حكم هذا القياس حكم النص القاطع، فكما جاز نسخ القاطع بالقاطع، فكذلك جاز نسخ القياس القطعي بالقاطع، وأما بعد الرسول فلو عمل مجتهد بالقياس القطعي لعدم اطلاعه على ناسخه، ثم اطلع على الناسخ تبين أنه كان منسوخًا في عهد الرسول.
القائلون بأن القياس المظنون يجوز أن يكون ناسخًا قالوا: صح التخصيص بالقياس المظنون فيصح النسخ به؛ لأن النسخ بيان كالتخصيص - أجاب بأن هذا الدليل منقوض بالإجماع والعقل وخبر الواحد، فإنه يجوز التخصيص بكل منها، ولا يجوز النسخ به.
(٢) ينظر: الإحكام للآمدي ٣/ ١٤٨ - ١٤٩، والمستصفى للغزالي ١/ ١٢٦، والإبهاج ١/ ٢٥٤، ونهاية السول ٢/ ٥٨٩، وشرح العضد ٢/ ١٩٩، وجمع الجوامع ٢/ ٨١، والآيات ٣/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>