ولا وجه لمن يقول: إني أسلم استقباح أهل اللُّغة لذلك، غير أنِّي لا أعلم أنه استقباح كراهية واستثقال، أو كراهية لإطراح.
قال: لأنه إذا ثبت استقباحهم له، ثبت أنه ليس من لُغَتهم؛ لأنهم قد وافقونا على أنهم لا يتكلمون بما يستقبح.
قلت: وقد ادَّعى بعضهم الاتفاق على صحَّة: عشرة إلَّا دَانقًا إلى عشرين، ولعلَّ القاضي لا يوافق عليه.
والأحسن في جواب القاضي ما ذكر ابن السَّمعاني من منع الاسْتِقْبَاحِ من أصله.
قال ابنُ السَّمْعاني: وإنما هو استثقال وليس باستقباح.
قلت: وما يشير إليه كلام القاضي من أن الاستثقال استقباح ممنوع، ولئن سلم فلا نسلم منع كلّ استقباح، ثم إن كونه قبيحًا لا يخرجه عن لسان العرب ولا يجعل النَّاطق به كالناطق بما لا يفيد، أو كالصَّامت عن الاستثناء.
والحاصل: أن المانعين من استثناء أكثر الجملة منهم من زعمه خارجًا عن لغة العرب، ومنهم من رآه غير خارج، وإن كان مستقبحًا عند أهلها.
قال المازِريّ: وبالمذهب الأوّل قال ابن حنبل، والشَّافعي في أحد قوليه، والقاضي في آخر أمره.
وبالثاني قال الشّافعيُّ في أحد قوليه، والقاضي أولًا، وابن المَاجِشُون، والقاضي عبد الوهَّاب.
قلت: وقد قلنا: إنه يمكن منع الاسْتِقْبَاح، ثم تسليمه ومنع أنه خارج عن اللُّغة، وهو قضية كلام أصحابنا، ثم تسليم أنه خارج عن اللُّغة رأسًا كما هو رأي القاضي آخرًا، ونقله المَازِريّ قولًا للشافعي كما رأيت، ولا أعرف ذلك.