القسم الأول: وهو خطأ المادة يكون من جهة اللفظ ومن جهة المعنى. أما اللفظ فلالتباس الكاذبة بالصادقة إذا كان اللفظ يحتملهما، وهو قد يكون للاشتراك إمَّا في أحد الجزئين نحو: هذا عين، وهو يصدق باعتبار مفهوم لها، ويريد بـ"العين" مفهومًا لها لا يصدق باعتباره، وأمَّا في حروف العطف مثل: الخمسة زوج وفرد، وهو يصدق بأنه مجموع مركب منهما، فيفهم منه أنه زوج وأنه فرد، ومثله بـ"هذا حلو حامض"، فإنه يصدق في الجمع دون الأفراد، وعكسه بـ"هذا طبيب ماهر" إذا كان في غير الطبّ طيّبًا؛ لأنه يصدق في الأفراد دون الجمع، وقد يكون لاستعمال المتباينة كالمترادفة نحو: السيف والصارم، فيغفل الذهن عما به الافتراق، فيجري اللفظين مجرى واحدًا، فيظن الوسط متحدًا ولا يكون، وأما المعنى فلالتباس الصادقة بالكاذبة أيضًا، وله أصناف: الأول: الحكم على الجنس بحكم نوع منه مندرج تحته نحو: هذا لون، واللَّون سواد، فيكون بهذا سواد، وهذا سيّال أصفر وسيَّال أصفر مرة، فهذا مرّة، ويسمى مثله إيهام العكس، كأنه لمَّا رأى أن كلَّ سيَّال أصفر ظنّ أن كل سيّال أصفر مرة، ومنه: الحكم على المطلق بحكم المقيد بحال أو وقت: هذه رقبة، والرقبة مؤمنة، وفي الأعشى: هذا مبصر، والمبصر مبصر بالليل. الثاني: جميع ما ذكر في التناقض من القوة والفعل، والجزء والكلّ، والزمان والمكان، والشرط إذا لم يراع التبست الصادقة بالكاذبة. الثالث: جعل الاعتقاديات والحدسيات والتجريبات الناقصة والظنيات والوهميات مما ليس بقطع كالقطع وإجرائها مجراه، وذلك كثير. الرابع: جعل العرضي كالذاتي نحو: السقمونيات مبرّد، وكل مبرد بارد، فالسقمونيات مبرد، أي لا بالذات، أي لا يوجب ذلك إيجابًا أوليًّا، بل بالعرضي؛ لأنه يسهل الصفراء، وانتفاضه عن البدن يوجب بروده، إنَّما البارد هو المبرّد بالذات، وهذا غير الذاتي والعرضي بالمعنى المتقدم. الخامس: جعل النتيجة مقدمة من مقدمتي البرهان بتغيير ما، ويسمى مصادرة على المطلوب، مثل: هذا نقلة، وكل نقلة حركة، ومن هذا القبيل المتضائفة مثل: هذا ابن؛ لأنه ذو أب، وكلُّ ذي أب ابن، وكلُّ قياس دوريّ، وما هو يتوقف ثبوت إحدى مقدمتيه على ثبوت النتيجة بمرتبة أو بمراتب. القسم الثاني: وهو خطأ الصورة هو أن يكون الخارج عن الأشكال بألا يكون على تأليف الأشكال المذكورة لا بالقوة ولا بالفعل أو يكون بفقد شرط من شروط الإنتاج. (٢) ينظر حاشية شرح السلم ص (١٥٩)، والمطلع ص (٦٣)، وتحرير القواعد المنطقية ص (١٦٧ - ١٦٨).