للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثنَاءُ العُلَمَاءِ عَلَيهِ:

قال ابنُ خَلِّكَانَ: " … وبرَعَ في عُلُومه وأتْقَنَها غاية … وجَاءَني مرارًا بسبب آراء وشهادات، وسألته عن مواضع في العربيَّة مُشكلةً، فأجاب أبلغ إجابة بسُكُونٍ كثير وتثبُّتٍ تامِّ … (١).

قال: ومِنْ جملةِ ما سألته عن مسألة اعتراضِ الشَّرْط علَى الشَّرْط في قولهم: "إنْ أَكَلْتِ إِنْ شرَبْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ" ثُمَّ تعيُّن تقديمِ الشُّرْبِ على الأكْلِ يُسَبِّبُ وقوعَ الطَّلاقِ حتَّى لَوْ أكلَتْ ثمَّ شربَتْ لا تُطلَّق؟.

وسألته عن بيتِ أبي الطيِّب المتنبي، وهو قوله: [البسيط]

"لَقَدْ تَصبَّرْتُ حَتى لاتَ مُصْطَبرِ … فَالآنَ أُقحَمُ حَتَّى لاتَ مُقْتَحَمِ"

مَا السَّبَبُ الموجِبُ لِخَفْضِ. "مُصْطَبَرٍ" و"مُقْتَحَمِ"، و"لاتَ" لَيْسَتْ من أدوات الجر؟ فأطال الكلام فيهما، وأحسن الجَوابَ عَنْهما، ولولا التطويلُ لذكرت ما قاله .. " (٢).

وقال الذهبيُّ: "وكان من أذكياء العَالَم، رأْسًا في العربيَّة وعِلْم النظر، درَّس بجامع دمشْق، وبالنورية المالكيَّة، وتخرَّج به الأصحاب، وسارَتْ بمصنَّفاته الركبان، وخالَفَ النُّحاة في مسائِلَ دقيقةٍ، وأوْرَدَ عَلَيْهم إشكالات مفْحِمةً .. " (٣).

وقال الأدفويُّ: "وكان صحيحَ الذِّهْن، قويَّ الفَهْم، حادَّ القريحة. قال الشيخ الإمامُ أبو الفتح محمَّدُ بْنُ عليّ القُشَيْرِيُّ عنه: هذا الرَّجُلُ تيسَّرَتْ له البلاغة، فتقيأ ظلَّها الظليل، وتفجَّرتْ ينابيعُ الحِكْمَةِ، فكان خاطِرُه ببَطْن المَسِيل، قرب المرمى، فخفف الحمل الثقيل، وقامَ بوظيفةِ الإيجاز، فنَادَاهُ لسانُ الإنْصَاف، ما على المُحْسِنِين مِنْ سبيل، وكان مِنَ المُحْسِنِينَ الصَّالِحِينَ المُتَّقِينَ" (٤).

وقال ابنُ فَرْحُونَ: "قال والدي - عليُّ بْنُ فَرْحُونَ : قال لي الإمامُ العالِمُ


(١) وفيات الأعيان ٣/ ٢٤٩، ٢٥٠.
(٢) السابق نفسه ٣/ ٢٥٠.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢٣/ ٢٦٥.
(٤) الطالع السعيد ١٨٨، ونقل هذا الكلام ابن فرحون في ديباجه، وعزاه لابن مهدي في معجمه. ينظر الديباج المذهب ٢/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>