للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَفْهُومُ الشَّرْطِ

وَأَمَّا مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَقَالَ بِهِ بَعْضُ مَنْ لا يَقُولُ بِالصِّفَةِ.

وَالْقَاضِي، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ، وَالْبَصْرِيُّ عَلَى الْمَنْعِ.

لِلْقَائِلِ بِهِ مَا تَقَدَّمَ، وَأَيْضًا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ انْتِفَاءُ الْمَشْرُوطِ.

وَأُجِيبَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا.

قُلْنَا: أَجْدَرُ إِنْ قِيلَ بالاتِّحَادِ، وَالأَصْلُ عَدَمُهُ إِنْ قِيلَ بِالتَّعَدُّدِ.

وَأُورِدَ: "إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا".

وَأُجِيبَ بِالأَغْلبِ وَبِمُعَارَضَةِ الْإِجْمَاعِ.

الشرح: "وأما مفهوم الشرط (١) فقال به بعض من لا يقول بالصفة" وكل القائلين


(١) مفهوم الشرط هو ما يفهم من تعليق الحكم على شيء بأداة شرط كـ "إِنْ" و"إِذا" مما يدل على سببية الأول، ومسببية الثَّاني، كما في قوله ﷿: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾، فإِنه يفهم منه عند القائلين بمفهوم المخالفة أن غير أولات الأحمال من المطلقات طلاقًا بائنًا لا يجب الإِنفاق عليهن؛ لأن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه، وإِنما قيدنا الطلاق البائن؛ لأن المطلقة طلاقًا رجعيًا يجب الإِنفاق عليها في العدة حاملًا كانت، أو لا بالإِجماع، والخلاف إِنما هو في المبانة. والشرط في اللغة هو العلامة وجاء منه: أشراط الساعة أي: علاماتها، وفي العرف العام ما يتوقف عليه وجود الشيء، وفي اصطلاح المتكلمين: ما يتوقف عليه تحقق الشيء، ولا يكون مندرجًا في ذلك الشيء، ولا مؤثرًا فيه. وفي اصطلاح النحاة: ما دخل عليه شيء من الأدوات المخصوصة الدالة على سببية الأول ومسببية الثَّاني ذهنًا، أو خارجًا، سواء كان علَّة للجزاء مثل "إِن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، أو معلولًا مثل "إِن كان النهار موجودًا، فالشمس طالعة" أو غير ذلك مثل "إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ" ويسمى شرطًا لُغَوِيًا أيضًا؛ لأن المركب من إِن وأخواتها، ومن مدخولها لفظ مركب وضع لمعنى يعرف من اللغة، وإِن كان النحوي يبحث عنه من وجه آخر، وهو المقصود بالذات هنا، لا الشرعي كالطهارة للصلاة، ولا العقلي كالحياة للعلم، ولا العادي كنصب السُّلَّمِ لصعود السطح، وإِنما كان المقصود هو النحوي؛ لأن الكلام هنا فيما يفهم من تعليق الحكم على شيء بأداة مخصوصة، كما هو مقتضى تعريف مفهوم الشرط وهذا إِنما يتأتى =

<<  <  ج: ص:  >  >>