الضعيفِ، والتواضع … إلى غير ذلك من المكارم التي تُؤَدِّي إلى سعادة البَشَر في الدُّنْيَا والآخِرَة، ولا مناصَ للبَشَريَّة الباحِثَةِ عن سِرِّ سعادتها من اتِّبَاعِ طريقٍ آخر مؤدٍّ إلى ما تصبو إليه، وتطمح إلى ارْتِشَافِهِ.
والقوانينُ الإلهيَّةُ هي غايةُ السعادَةِ ومنتهى الكمَالِ، فاللهُ - تعالى - لم يترك هذا الإنسانَ في هذه الدُّنيا هملًا يَسِيرُ على غير هُدًى، بل أوضح له طرق الخيرِ وطرق الشرّ، بإرسال الرسل والكتب المُقَدَّسَةِ.
ومن بين هذه الكتب المقدسة القرآنُ الكريم، ومن سنن رسله سُنَّةُ سيدنا محمَّد - عليه أفضل الصَّلاة والتَّسليم -.
ولقد جاء التَّشريعُ الإسلاميُّ خاتِمًا لكلّ الرسالات، والأحكام الإلهية؛ لذا زَوَّدَهُ اللهُ بما يضمن بقاءَه، ويحقق خلوده إلى يوم القيامَةِ. والتشريع الإسلامي قائمٌ على خصائصَ ومميزاتٍ تُحَقِّقُ بناءَهُ الشَّامِخَ، وتقيم صَرْحَهُ أبدَ الأزمَانِ والعُصُورِ.
ومن الأُسُس الجليَّة الَّتي ابتنى عليها بناءُ الأحْكامِ الإسلامِيَّةِ في تشريعِ الأوامر والنواهي - مبدأ التدرُّج؛ حتى تتهيأَ النُّفُوسُ للإذعَانِ للأحكامِ الشرعِيَّة؛ فَتَتَقَبَّلَها عن طِيبِ خَاطِرٍ بدون مشقة، أَوْ ضَرَرٍ واقعِ بها. ومشروعية التَّدَرُّجِ في الأَحْكَامِ الإسلامِيَّة اقْتَضَتْها الظُّرُوفُ والملابساتُ الَّتي تزامَنَتْ وَالدَّعْوةَ الإسلامِيَّةَ، فكان مَبْدَأُ التَّدَرُّج علاجًا لمثل هذه الحالات، ثم تَنْتَهِي هذه الأحكامُ بالنَّسْخِ لزوالِ مُقْتَضَيَاتِهَا، حتَّى إذا تمَّت أحكام اللهِ نزولًا بقيت محكمةً إلى يوم الدين.
وبعد أَنْ أَتَمَّ اللهُ شَرْعَهُ؛ بقوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [سورة المائدة: الآية ٣]، دلَّ ذلك على تمام الشريعة وكمالها، فلا يكون هناك تبديل ولا تغيير.
وإليك كلمةً موجزةً عن النسخ، فنقول وبالله التوفيق:
النَّسْخُ لُغَةً:
النَّسْخُ يطلق في اللُّغة كما في الصِّحَاحِ، والقَامُوسِ، واللِّسَانِ بمعنى: الإزالة.