للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"فائدة"

أهمل في "المختصر" ذكر أن الفحوى تكون ناسخًا (١)، وهو مسطور حتى في "منهاج


(١) أما الفحوى، وهو مفهوم الموافقة، فيجوز النسخ به، وقد ادعى الإمام الرازي، والآمدي الاتفاق عليه، وجرى عليه بعض شروح "المنهاج". وفي هذا يقول الإمام الرازي: لأن دلالته إن كانت لفظية فلا كلام، وإن كانت عقلية، فهي يقينية، فتقتضي النسخ لا محالة: نعم قال الإسنوي في شرح "المنهاج": وفيما قاله الإمام نظر؛ لأن الناسخ يجب أن يكون طريقًا شرعيًّا لا عقليًّا، ويجاب عما قاله الإسنوي بأن كون الدلالة عقلية لا يمنع من كونها طريقًا شرعيًّا؛ إذ معنى كون الدلالة عقلية أن العقل له مدخل فيها؛ لأنها من قبيل دلالة الالتزام، وأن النزاع في كونها لفظية أو عقلية خلاف لفظي، فالذي ينظر إلى أن اللفط باعتبار وضعه للمعنى الملزوم دال على اللازم يجعلها لفظية، وسماها كذلك.
ومن نظر إلى أن هذه الدلالة لا بد فيها من انتقال الذهن من الملزوم إلى اللازم، وهذا أمر عقلي سَمَّاها عقلية، فلا خلاف إلا في التسمية؛ لأن كلا من دلالة اللَّفْظ والانتقال متحقق، والخلاف في وجهة النظر من أجل التسمية فقط.
هذا خلاصة ما قاله الآمدي، والإمام الرازي من الاتفاق على جواز النسخ بالفحوى.
وقال الجلال المحلى في شرحه على "جمع الجوامع" بعد نقل الاتفاق المتقدم ما نصه: "وحكى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي - كما قال المصنف - المنع به "يعني المنع من النسخ به" بناءً على أنه قياس، وأن القياس لا يكون ناسخًا" اهـ.
وقال في "مسلم الثبوت": ونقل أبو إسحاق الشيرازي، وابن السمعاني الخلاف قال شارحه: كذا في كتب الشافعية، والتحقيق فيه أنه إن كانت الدلالة على حكم الفرع بوضع الكلام له، بأن يقول الواضع: وضعت هيئة تركيب لإفادة حكم المنطوق، وما هو مشارك له في المناط من غير نظر ورأي، فيصح كونه ناسخًا ومنسوخًا؛ لكونه مدلولًا لكلام الشارع كالمنطوق، وإن لم يكن الكلام موضوعًا له، وإنما يستفاد الحكم بوجود العلة الموجبة للحكم، كما يقول به قائل كونه قياسًا جليًّا، فينبغي أن يكون حكمه كحكم القياس في الناسخية والمنسوخية، فإن جاز هناك جاز ههنا. وإلا لا، وكذا الحال في بقاء حكم أحدهما دون الآخر اهـ. قال بعض محققي الحنفية: وهذا يوافق ما قاله الشافعية في كتبهم؛ لأن من نقل الخلاف، وحكي منع النسخ به بناه على أنه قياس، وليس هذا من الحقيقة في شيء، بل التحقيق: أن هناك فرقًا بين ما يسميه الحنفية دلالة النص، والشافعية مفهوم موافقة، وفحوى، وبين القياس؛ فإن العلة في الأول مفهومة لغة، ويفهمها المجتهد، وغير المجتهد، بخلاف القياس؛ فإن فهم العلة فيه خاص بالمجتهد، والذي سمي دلالة النص عند الحنفية، أو مفهوم الموافقة، والفحوى عند =

<<  <  ج: ص:  >  >>