الْمُجَوِّزُ دَلالَتَانِ، فَجَازَ رَفْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا.
قُلْنَا: إِذَا لَمْ يَكُنِ اسْتِلْزَامٌ.
الْمَانِعُ: الْفَحْوَى تَابعٌ، فَيَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِ مَتْبُوعِهِ.
قُلْنَا: تَابعٌ لِلدَّلالَةِ لا لِلْحُكْمِ، وَالدَّلالَةُ بَاقِيَةٌ.
بقاء اللازم، وذلك لا يمنع.
ولقائل أن يقول: لم قلت: إن الضرب لازم لتحريم التأفيف مطلقًا، وإنما هو لازم عند الإطلاق؟
أما إذا صرح بتجوزه، فلا يلزم، ولذلك صح: اقتله ولا تستخف به، وإن كان أصل الاستخفاف يفهم عند إطلاق اقتله.
الشرح: واحتج "المجوِّز" لنسخ كل منهما مع بقاء الآخر، بأن الفحوى، وأصله "دلالتان" متغايرتان، "فجاز رفع كل منهما" بدون الآخر.
"قلنا": لا نسلّم دلالة التغاير على جواز رفع كلّ واحد منهما بدون الآخر، فإنما يتم ذلك "إذا لم يكن" بينهما "استلزام".
أما إذا كان كما هو الواقع هنا فلا؛ لاستحالة رفع اللازم مع بقاء الملزوم.
واحتج "المانع" لهما، فقال: "الفَحْوَى تابع، فيرتفع بارتفاع متبوعه"؛ لأنه لو بقى لم يكن تابعًا، فدل على ارتفاع الفحوى بارتفاع الأصل.
وأما الفحوى دون الأصل، فدليله ما ذكرتم.
"قلنا": الفحوى "تابع للدلالة لا للحكم، والدلالة باقية" بعد نسخ حكم الأصل؛ فإنّ دلالة اللّفظ لا تنتفى بارتفاع الحُكم، والمرتفع هو حكم تحريم التّأفيف لا دلالة اللفظ عليه، فالمتبوع وهو دلالة اللفظ لم يرتفع، والمرتفع وهو الحكم ليس بمتبوع.
ولو سلمنا أنه متبوع، فقولكم: رفع المتبوع يستلزم رفع التَّابع، منقوض ببقاء الجواز بعد نسخ الوجوب، فإنه تابع للوجوب، ولا يلزم من ارتفاعه ارتفاعه، فبطل قولكم بامتناع نسخ الأصل مع بقاء الفحوى.
وأما عكسه، فإنا نوافقكم عليه.